روسيا وأوكرانيا: ألمانيا تطلق “إنذارا مبكرا” من عجز في إمدادات الغاز بسبب السداد بالروبل

الغاز الطبيعي

Getty Images
قد تواجه ألمانيا نقصا حادا في إمدادات الغاز الطبيعي حال قطعها من جانب روسيا

أطلقت ألمانيا “إنذارا مبكرا” من إمكانية تعرض البلاد لعجز صارخ في إمدادات الغاز بسبب المواجهة الحالية مع روسيا على صعيد طريقة سداد قيمة الصادرات الروسية من الغاز الطبيعي.

وطالبت روسيا في وقت سابق الدول “المعادية” بسداد قيمة ما تحصل عليه من الغاز الروسي بالروبل بداية من 31 من مارس/ آذار الجاري، لكن الاتحاد الأوروبي، الذي يسدد مقابل تلك الصادرات الروسية باليورو بصفة أساسية، رفض مطلب موسكو.

وأوضحت روسيا أن الانتقال إلى سداد قيمة الغاز المصدر خارج البلاد بالروبل سوف يكون تدريجيا.

لكن روبرت هابيك، وزير الاقتصاد الألماني، حث المستهلكين والشركات على التقليل من استهلاك الغاز تحسبا لعجز محتمل في الإمدادات.

وتستورد ألمانيا حوالي نصف احتياجاتها من الغاز الطبيعي وثلث احتياجاتها من النفط من روسيا، وهو ما دفعها إلى أن تحذر من إمكانية تعرض الاقتصاد لركود حال أي توقف مفاجيء لإمدادات منتجات الطاقة.

وفي إطار خطة طوارئ الغاز الموجودة حاليا، تُعد “مرحلة الإنذار المبكر” هي الأولى بين ثلاث خطوات من شأنها أن تدعم البلاد في أن تكون مهيئة للتعرض لأي عجز محتمل في الغاز.

أما المرحلة النهائية من هذه الخطة فتتضمن أن تفرض الحكومة تقنين استخدام الغاز الطبيعي.

وقال هابيك، في مؤتمر صحفي، إن إمدادات الغاز الألمانية مؤمنة حتى الآن، لكنه أضاف: “رغم ذلك، علينا أن نتبع المزيد من الإجراءات الاحترازية حتى نكون مستعدين لأي تصعيد من جانب روسيا”.

وأضاف “ومع إعلان مرحلة الإنذار المبكر، اجتمع فريق الأزمة لمناقشة المشكلة”.

وقال كلاوس مولر، رئيس الوكالة الفيدرالية للشبكات في ألمانيا (بندزنيتسغينتور)، في تغريدة على حسابه على موقع تويتر إن الهدف من مرحلة الإنذار المبكر هو تجنب تدهور الواردات. كما حث المستهلكين والقطاعات الاقتصادية في البلاد على أن يستعدوا لمواجهة “كل السيناريوهات المحتملة”.

ويفرض الغرب عقوبات على روسيا ردا على الغزو الروسي لأوكرانيا.

وفي إطار التصعيد بين الجانبين، طالب الرئيس الروسي فلاديمير بوتين سداد قيمة صادرات الغاز الطبيعي إلى أوروبا بالعملة المحلية الروسية الروبل.

ويرى محللون أن تطبيق هذا الإجراء من شأنه أن يدعم العملة المحلية التي تعاني من هبوط حاد منذ بداية الغزو، لكنها بدأت في إظهار بعض التعافي في الوقت الراهن.

وتقول أوروبا، التي تستورد حوالي 40 في المئة من احتياجاتها من الغاز الطبيعي من روسيا وتسدد مقابل تلك الإمدادات باليورو، إن شركة الغاز الطبيعي الروسية العملاقة المملوكة للدولة غازبروم ليس لها الحق في تعديل التعاقدات.

لكن رئيس مجلس النواب الروسي، فياتشيسلاف فولودين، قال الأربعاء: “على السياسيين الأوروبيين التوقف عن الحديث، والتوقف عن محاولة إيجاد مبررات لعدم السداد بالروبل. إذا كنتم تريدون الغاز، فعليكم أن تبحثوا عن الروبل”.

وقال الكرملين إن روسيا قد تطالب المستوردين بسداد قيمة منتجات أخرى مثل الأسمدة الزراعية، والحبوب، والمعادن، والأخشاب بالروبل.

خط أنابيب

Getty Images
لا يوجد سوق بديل للصادرات الروسية من الغاز الطبيعي إلى أوروبا

تحركات أوروبية

قالت اليونان الأربعاء إنها سوف تعقد اجتماعا طارئا بين الهيئات التنظيمية في قطاع الطاقة، والشركات المشغلة لشبكات الطاقة، وأكبر موردي الغاز الطبيعي والطاقة الكهربائية قبل الموعد النهائي الذي حددته روسيا للانتقال إلى سداد قيمة صادراتها من الغاز الطبيعي بالروبل.

وأخبرت اللجنة التنظيمية للطاقة في فرنسا المواطنين بألا يقلقوا بشأن إمدادات الغاز الطبيعي.

وقال جان فرانسوا كارينكو، رئيس اللجنة، لتلفزيون بي إف إم الفرنسي: “كل شيء سوف يكون على ما يرام، فخزانات الغاز ممتلئة عن آخرها، وسوف نتمكن من اجتياز هذا الشتاء”.

وأضاف: “علينا جميعا أن نبذل بعض الجهود، وكل شيء سوف يكون على ما يرام. ومن الطبيعي أن أطلب من أبناء الشعب الفرنسي أن يقللوا من استهلاكهم”.

وقال رئيس الوزراء البولندي ماتيوش مورافيتسكي إن بلاده تخطط للاستغناء عن الغاز الروسي بنهاية هذا العام وأنها سوف تستبدله بإمدادات الغاز النرويجي. وتستورد بولندا حوالي 60% من احتياجاتها من الغاز الطبيعي من روسيا.

وقال مورافيتسكي: “لا يمكننا تكرار هذه السياسة الغبية المجرمة السيئة التي جعلت أوروبا تعتمد على روسيا بصفة أساسية وأن تعطيها اليورو والدولار، مما يساعد بوتين على بناء ترسانة أسلحته والهجوم على جيرانه”.

وحاول ديمتري بيسكوف، المتحدث باسم الكرملين، الأربعاء تهدئة مخاوف الانقطاع المفاجئ المحتمل لإمدادات الغاز الروسي هذا الأسبوع. ولدى سؤاله عما إذا كان ينبغي البدء في سداد قيمة صادرات الغاز الروسي بالروبل، الخميس المقبل، قال بيسكوف: “لا على الإطلاق”.

وأضاف: “كما ناقشنا ذلك من قبل، طريقة السداد والاستلام من الأمور التي تستغرق وقتا طويلا، وهو ما لا يعني أنه سيتم سداد مقابل الشحنات (بالروبل) من وجهة النظر الفنية. إنها عملية ممتدة”.

“حرب بلا منتصر”

قال لورنت روسكاس، محلل الطاقة لدى ستنادردز آند بورس غلوبال لبي بي سي إن روسيا والاتحاد الأوروبي في “حرب بلا منتصر” ينتظرون من يستسلم أولا.

وأضاف: “بدأ بوتين تلك الحرب الأربعاء الماضي بالتصريحات التي أطلقها عن تغيير عملة السداد إلى الروبل، والآن أوروبا ترد على المستوى السياسي ‘لا لن نفعل ذلك’ وعلينا هنا أن نتوصل لحل”.

ورجح أن الأمر قد ينتهي إلى تنازل من قبل أوروبا وغازبروم سعيا وراء إعادة صياغة التعاقدات فيما بينهما، إذ أن مصلحة كل منهما تتحقق بإنهاء تلك المواجهة.

وتقدر إيرادات روسيا من صادرات الغاز الطبيعي إلى أوروبا بحوالي 400 مليون يورو يوميا بينما لا يمكنها توجيه تلك الإمدادات إلى أسواق أخرى.

رغم ذلك، قال روسكاس إن فرص “قطع الإمدادات بسبب سياسة حافة الهاوية” تتراجع إلى حدٍ كبير. لكن حال قطع الإمدادات، سوف تضطر ألمانيا إلى تشغيل المزيد من محطات الطاقة بالفحم، واستيراد أكبر قدر ممكن من الغاز المسيل، وزيادة إنتاج الطاقة المتجددة على المدى الطويل.

مسؤولية الخبر: إن موقع "سيدر نيوز" غير مسؤول عن هذا الخبر شكلاً او مضموناً، وهو يعبّر فقط عن وجهة نظر مصدره أو كاتبه.

مواضيع تهمك

Comments are closed.