روسيا وأوكرانيا: قصة حانة “همينغوي” التي سواها القصف الروسي بالأرض في مدينة خاركيف

“لن تشرب وحدك أبدا”. كانت هذه العبارة المكتوبة أعلى حانة شهيرة تحمل اسم “أولد هِم” في مدينة خاركيف، شرقي أوكرانيا، تستقبل مرتاديها.

سُميت تلك الحانة باقتباس من اسم الكاتب الأمريكي الشهير إرنست همينغوي. وكان مرتادو الحانة يمرون بجوار تمثال له وهم في طريقهم إلى الداخل.

اشتهر المكان بين الموهوبين من الشباب في المدينة، وكان سيرهي زهادان، أحد أشهر شعراء أوكرانيا، غالبا ما يرتاد الحانة.

بيد أن حانة “أولد هِم” تحولت إلى أنقاض، بعد أن دمرها بالكامل قصف روسي استهدف المدينة يوم الاثنين.

وقال مكتب المدعي العام في خاركيف إن شخصين لقيا مصرعهما في الهجوم.

وقال صاحب الحانة، كوستيانتين كوتس، لبي بي سي إنه لم يكن هناك موظفون في الحانة عندما حدث الهجوم، وأن من لقيا مصرعهما كانا في شقق فوق الحانة.

وأضاف كوتس أن حانة “أولد هِم” كانت قد توقفت عن مزاولة نشاطها، وتحولت إلى ملجأ مؤقت للمواطنين لحمايتهم من القنابل عندما بدأ غزو الجيش الروسي لأوكرانيا في 24 فبراير/شباط الماضي.

وكان كوتس يأمل في البداية أن يغلق حانته لفترة وجيزة فقط.

وقال في رسالة: “لم نؤمن تماما بما كان يحدث، كنا نأمل أن تستأنف الحانة نشاطها قريبا. لكن الأوهام تحطمت مع أول قصف بالقنابل لأبنية سكنية”.

كانت مدينة خاركيف قد تصدت لرتل من المركبات المدرعة الروسية خلال الأيام الأولى من الغزو، ومنذ ذلك الوقت، عانت المدينة من غارات جوية وقصف روسي كل ليلة، ما أسفر عن مقتل عشرات المدنيين وإصابة المئات.

ويقول كوتس إن الحانة كانت تستقبل العملاء كالمعتاد خلال الأسابيع التي سبقت الغزو.

ويضيف: “كان الجو مفعما بالحيوية، وكثيرون كانوا يشعرون بأنهم في منازلهم داخل الحانة”.

ويقول: “كانت الحانة معروفة بين الشباب، وكانوا جميعا يشعرون بالتفاؤل ولم يؤمنوا بالحرب”.


غزو روسيا لأوكرانيا: تغطية مفصلة


نجحت حانة “أولد هِم” في ترسيخ هذا الجو العائلي على مدار عشرين عاما.

ويقول كوتس إن الحانة افتتحت في عام 2012 كمكان يستطيع فيه الناس “الاجتماع ومناقشة الشؤون الجارية مع تناول الجعة”، وسرعان ما أصبحت مركزا يلتقي فيه المبدعون في خاركيف، ويستعرضون المواهب المحلية.

وقال يوري، الذي كان يتردد على “أولد هِم” أحيانا كثيرة ورفض ذكر اسمه الكامل، إنها كانت مركزا أكثر من كونها حانة. ويتذكر عندما قدم الموسيقي أوليه سكريبكا، مع فرقة الروك الأوكرانية الرائدة فوبلي فيدوبلياسوفا، عرضا مميزا نادرا. وكانت الحفلات تستمر عادة حتى الساعات الأولى من صباح اليوم التالي.

ويضيف، في إشارة إلى حركة الاحتجاج التي أطاحت بالرئيس الموالي لروسيا، فيكتور يانوكوفيتش، في عام 2014: “كانت واحدة من أولى الأماكن في خاركيف لدعم احتجاجات الميدان (الثورة) علنا بالأعلام. ووضعت (لوحة تحمل) طلبات المحتجين على أبوابها”.

ويقول: “الحرية والديمقراطية جنبا إلى جنب مع الجعة رخيصة الثمن هي أسباب حب الشباب لها على ما أظن”.

وخُصصت الحانة لذكرى همينغوي، أحد الكتاب المفضلين لكوتس. ونُصب عند مدخلها تمثال للكاتب، كما زُينت جدرانها بصور لكتّاب بارزين آخرين، من بينهم الكاتب الروسي من القرن العشرين، سيرغي دوفلاتوف، وتشارلز بوكوفسكي ومارك توين.

ويقول كوتس: “كثيرون يسألوني، لماذا سميتها أولد هِم؟”.

ويضيف أن التسمية جاءت من باب المودة لصديق حميم وليس إشارة إلى عمره.

ويقول كوتس إن الناس هم من خلقوا مناخ الحانة الخاص.

وذهب كوتس حاليا إلى غربي أوكرانيا ويأمل أن يصل إلى ألمانيا، لكنه يأمل في يوم من الأيام أن يعود إلى مدينته لإعادة بناء حانته المحبوبة.

ويقول: “أنا متأكد من أن قصة حانة هِم لم تنته اليوم. سننتصر وسوف تنهض هِم من جديد”.


أخبرونا تجاربكم

هل أنتم من المقيمين في روسيا؟ ترغب بي بي سي في معرفة تجاربكم في ضوء العقوبات المفروضة على موسكو. كيف تأثرت حياتكم اليومية؟

إذا كنتم ترغبون بمشاركة قصصكم معنا، استخدموا النموذج أدناه لإطلاعنا عليها بإيجاز. وقد نتواصل معكم لنشرها على موقعنا.

مسؤولية الخبر: إن موقع "سيدر نيوز" غير مسؤول عن هذا الخبر شكلاً او مضموناً، وهو يعبّر فقط عن وجهة نظر مصدره أو كاتبه.

مواضيع تهمك

Comments are closed.