العراق عام 2021: بين استمرار الأزمات المحلية والبحث عن دور إقليمي ودولي

فتاة عراقية

Getty Images
ساحة التحرير في بغداد

إذا ما سُئل العراقيون عن أهم الأحداث التي مرت ببلادهم عام 2021 فقد تتنوع الإجابات في دولة تعج بالأحداث والأزمات التي لم تطو بعد، مع انقضاء العام.

عدد من الأحداث والأزمات طغت على المشهد العراقي، في العام المنصرم، وإن لم تكن بحدّة السنوات السابقة.

كما أن هذا العام شهد محاولات بروز دور للدولة العراقية إقليميًا ودوليا بعد سنوات طويلة بقيت فيها الدبلوماسية العراقية منكفئة على ذاتها بحكم الظروف المحلية.

“انسداد سياسي”

شكلت الانتخابات المبكرة في أكتوبر/تشرين الأول الماضي عنوانا رئيسيًا في العراق.

وكانت هذه الانتخابات الخامسة منذ سقوط النظام العراقي عام 2003 بفعل الغزو الذي قادته الولايات المتحدة الأمريكية.

هذه المرة، كانت انتخابات مبكرة قالت السلطات إنها تستجيب لمطالب المحتجين عام 2019 التي عُرفت بـ “احتجاجات تشرين”. وقد قاطع المحتجون هذه الانتخابات.

وخلال تجوالي في العاصمة بغداد ومدن أخرى مثل الموصل، أو النجف وغيرهما، أثناء تغطيتي لتلك الانتخابات، كانت حالُ الإحباط من النخب السياسية بادية، وهو ما انعكس بشكل جليّ، في نِسب المشاركة في الانتخابات حيث كانت الأدنى منذ سقوط النظام السابق.

وهو ما فسر تدخُّل المرجع الشيعي الأعلى علي السيستاني بدعوة العراقيين للمشاركة في هذه الانتخابات.

وقد التقيت قبيل الانتخابات العراقية “أم عقل”، وهي سيدة شيعية، تعيش بالقرب من مرقد الإمام الكاظم، أحد المزارات الرئيسية في العراق، وتعمل فيه أيضا.

قالت أم عقل إنها كانت ضد المشاركة في الانتخابات، لكن بعد بيان المرجعية، قالت بلهجة عراقية: “احنا على حكاية السيد”، بشكل أشّر على أهمية البيان في دفع الناس للتصويت.

وقد أثارت الانتخابات ونتائجها، لغطًا سياسيا كبيرا، بعد أن واجهت اتهامات بالتزوير من قبل أحزاب وحركات لم تفز بالأصوات التي كانت تتوقعها، ومعظمها مقرب من فصائل الحشد الشعبي، وإيران.

ونظمت هذه الحركات تظاهرات واعتصامات احتجاجية في الشارع، وخاصة في بغداد.

وحازت الكتلة الصدرية، بزعامة السيد مقتدى الصدر، على أكبر عدد من الأصوات، لكنها لا تستطيع تشكيل حكومة أغلبية لوحدها، وهذه طبيعة النظام السياسي الذي يركن على التوافقات.

وبانتظار ما ستؤول إليه الحراكات واللقاءات السياسية لتشكيل الحكومة المقبلة، فإن العراق نجا، عام 2021، من توتر كبير كاد أن يبرز إلى السطح، حين استُهدف منزل رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي بطائرة مسيرة.

ولا تزال التحقيقات في هذا الهجوم جارية.

سيدات عراقيات

Getty Images
كانت هذه الانتخابات الخامسة منذ سقوط النظام العراقي عام 2003 بفعل الغزو الذي قادته الولايات المتحدة الأمريكية

“كورونا وأزمة الخدمات”

وظل وباء كورونا يلقي بظلاله بشكل مأساوي على العراق عام 2021؛ ففي ظل الأزمة اندلع حريق في مستشفى ابن الخطيب في العاصمة بغداد، أودى بحياة العشرات، وبعده بشهور اندلع حريق آخر أودى بحياة اثنين وتسعين مريضا في جناح كورونا، لتندلع احتجاجات في الناصرية جنوبي البلاد.

حادثتان، دفعتا الكثير من العراقيين إلى القاء اللائمة على الفساد وانهيار قطاع الصحة وغياب الدولة.

وتعدّ عبارة “غياب الدولة” بين أكثر العبارات التي تتكرر في العراق مرارًا في السنوات الأخيرة، وعام 2021 ليس استثناءً.

“الساحة الإقليمية والدولية”

شكّلت زيارة بابا الفاتيكان إلى العراق في مارس/آذار 2021 جرعة روحية كبيرة للعراقيين، وأعادت الدولة لخريطة العالم من حيث المكانة الإقليمية والروحية.

وبعدها بأشهر عزز العراق مكانته إقليميا باستضافة قمة عربية، ومن ثم ليستضيف مؤتمرًا دوليا، بالتعاون مع فرنسا، شاركت فيه السعودية وإيران، في خطوة اعتبرت تعزيزًا لمكانة العراق كوسيط بين الرياض وطهران بحكم العلاقات المتوترة بين الطرفين.

وفيما لم تظهر نتاج هذا التحرك العراقي بعد، فقد بقي العراق يحتل العناوين الإخبارية، وكانت قضية اللاجئين عنوانا رئيسيا.

ولم يعرف كثير من العراقيين أن قضية العالقين على الحدود بين بيلاروسيا والاتحاد الأوروبي، قريبة منهم، حتى كُشف عن أن الغالبية هم من أهل بلاد الرافدين.

وبينما كانت الصور تنتشر عبر وسائل الإعلام عن سوء معاملة العالقين على تلك الحدود، وتحوّلهم إلى مادة للتنافس الأوروبي-الروسي مؤخرا، بدأت وزارة الخارجية العراقية بتسيير طائرات لإعادة مواطنيها.

بي بي سي، كانت في استقبال أولى الطائرات، وبالحديث مع العائدين، كان ملفتًا أن معظمهم من حملة الشهادات الجامعية، وقد دفعتهم ظروف البلد للخروج ومحاولة الهجرة.

كما كشفت مأساة أخرى في بحر المانش في عام 2021، حيث فقد 27 شخصا على الأقل حياتهم وهم يحاولون الوصول لبريطانيا عبر البحر، أن غالبيتهم من إقليم كردستان العراق.

هذا الإقليم الذي اعتبر نسبيا أفضل من بقية مناطق العراق من حيث الاقتصاد والأمان، بدأ يشهد استياءً واحباطًا متزايدا، يدفع الكثيرين إلى التفكير في الهجرة، رغم مخاطر الطريق.

وقد سألتُ إحدى السيدات الكرديات، في مدينة السليمانية، التي يسعى زوجها لبيع منزل الأسرة لدفع تكاليف الهجرة إلى أوروبا، عما إذا كانت قد عدلت عن الفكرة بعد مقتل الكثيرين في بحر المانش غرقا وهم يحاولون العبور لبريطانيا؟ فأجابت، وبتصميم: “أشعر بالحزن للضحايا وأقدم لهم تعازيي، لكننا مصممون على الهجرة“.

مسؤولية الخبر: إن موقع "سيدر نيوز" غير مسؤول عن هذا الخبر شكلاً او مضموناً، وهو يعبّر فقط عن وجهة نظر مصدره أو كاتبه.

مواضيع تهمك

Comments are closed.