التغير المناخي: هل نجحت التقنيات الذكية في مساعدة المدن على مواجهة المخاطر البيئية؟

آثار فيضانات في الشوارع

Getty Images

تبدو المخاطر التي تهدد مدننا لا نهائية – من فيضانات مفاجئة إلى التلوث، والازدحام الشديد، وصولا إلى مخاطر الأوبئة.

وفي محاولة لتفادي وقوع أزمات، رأت السلطات في مدن عديدة أن تستعين بالتقنيات، انطلاقا من فكرة أن القدرة على الوقوف على حجم المشكلة، تعني القدرة بالتبعية على الشروع في وضع حلّ لتلك المشكلة.

وبذلك أصبحت أجهزة قياس درجة الزحام، ومنسوب مياه النهر، ودرجة التلوث، جزءا لا يتجزأ من البنية التحتية الحضرية، تماما كأعمدة الإنارة وإشارات المرور.

لكن رغم هذا الاستثمار في تلك التقنيات، شاهدنا خلال هذا العام فيضانات مفاجئة تضرب أجزاء متفرقة من العالم، بينها لندن ونيويورك – مما طرح سؤالا عن جدوى تلك التقنيات.

وكانت السلطات في مدينة تشنغتشو الصينية تستخدم نظاما ذكيا للتنبؤ بالفيضانات، عندما ضربت عاصفة مطيرة المدينة متسببة في سقوط ما لا يقل عن 302 قتيلا في يوليو/تموز الماضي.

وكان مفترضا من المنصة الذكية، التي توفرها شركة أيروسبيس شينزو، أن تخطر السلطات في المدينة لحظة بلحظة بمستوى منسوب المياه بما لها من أجهزة استشعار.

سلم مؤدي إلى نفق

Getty Images

حلول متضافرة

  • أنظمة الوقاية من الفيضانات ينبغي أن تقرن بين التقنية وأنظمة أكثر جودة في التخطيط للطوارئ
  • لا يمكن للمدن الاكتفاء بالتوقعات – وإنما ينبغي العمل على تطوير الاستجابات للطوارئ
  • تقنيات المسح الحديثة يمكن أن تساعد سلطات المدن في ترتيب الأماكن الأولى بالاستثمار

ومن غير الواضح ما إذا كان النظام الذكي قد فشل في رصد الفيضانات الوشيكة، أو أن السلطات هي التي أخفقت في التعاطي مع ما لديها من بيانات، ولا يزال التحقيق مستمرا في هذا الصدد.

لكن سؤالا أثير عبر وسائل التواصل الاجتماعي الصينية، عما إذا كانت الاستعانة بأمثال تلك الأنظمة التقنية تُعدّ مضيعة للأموال.

وفي ذلك يقول أفي باروك، الشريك المؤسس لشركة بريفيسيكو البريطانية، إن هناك دروسا يمكن الاستفادة منها، لكن من الخطأ التسرع في إصدار أحكام.

وتقدّم شركة بريفيسيكو نظاما في التنبؤ بالفيضانات في العديد من المدن، بينها لندن، وبرمنغهام، ومانشستر.

ويشدد باروك على أن مثل هذه الأنظمة الذكية تحتاج إلى جانبها تخطيطا قائما للطوارئ من جانب السلطات المحلية.

يقول باروك: “تحتاج الشركات إلى متاريس، وحماية الأصول الأساسية، والوصول إلى الموقع بوتيرة أسرع متى وقع التحذير”.

ويضيف: “وتحتاج السلطات المحلية إلى الاستعداد بمضخات، وتصريف المجاري، وإغلاق الشوارع، حتى لا نرى منظر السيارات الطافية”.

حاجة ماسّة

يعمل روبرت موغا باحثا في العلوم السياسية، وهو مؤسس معهد إيغاراب في البرازيل والذي يُعنى بدراسة مشكلات التمدن.

يقول موغا: “شهدت الآونة الأخيرة توجيه الكثير من الجهد والاستثمار إلى التقنيات الذكية من أجل مساعدة المدن في التخفيف من آثار التغير المناخي فضلا عن التكيف معها. لكن العديد من هذه التقنيات لم يخضع للاختبار الكافي”.

ويتعين على العديد من المدن الحصول على بيانات الأرصاد الجوية حتى يتسنى لها توقُّع منسوب هطول الأمطار، لكن هناك عوامل أخرى ينبغي أخذها في الاعتبار.

يقول موغا: “تستثمر سلطات المدن في الخرسانات والأسفلت والتي تفاقم مخاطر الفيضانات .. والمسألة لا تقتصر على خرائط هطول الأمطار وهبوب العواصف، وإنما هناك حاجة إلى فهم بيئة البناء”.

حرائق غابات

Getty Images
سلطات كاليفورنيا تستعين بصور ملتقطة عبر الأقمار الاصطناعية للمساعدة في التنبؤ بأماكن اشتعال الحرائق

وفي المدن التي تمثل لها درجات الحراة المرتفعة مشكلة، كانت هناك حاجة ماسة خلال أشهر الصيف الفائتة إلى تقنية تساعد في إطفاء حرائق الغابات.

في كاليفورنيا، على سبيل المثال، كان رجال الإطفاء يستعينون ببرنامج يعرف باسم فايرغارد، والذي يستعين بدوره بالبيانات التي توفرها الوكالة الوطنية للاستخبارات الجغرافية المكانية.

ومن تلك البيانات ما يتم التقاطه عبر الأقمار الاصطناعية، وعبر طائرات عسكرية مسيرة. وتخضع هذه البيانات للتجميع قبل التحليل ثم التقييم على أيدي متخصصين. على أن خرائط أماكن الحرائق تخضع للتحديث كل 15 دقيقة.

ويُنظر إلى مؤتمرCOP26 للمناخ، والمزمع انعقاده بعد أسبوع في مدينة غلاسكو، على أنه حدث ذو أهمية قصوى إذا كانت هنالك إرادة للسيطرة على التغير المناخي.

وقد وُجّهت مطالبات لنحو 200 دولة بتقديم خطط للتقليل من الانبعاثات، ومن شأن ذلك أن يسفر عن تغيرات ملموسة في حياتنا اليومية.

مسح الأحياء الفقيرة

مع شروع السلطات في مراعاة المناخ أثناء التخطيط للمدن، نشأت هنالك حاجة إلى التفكير في الاستثمار في التقنيات، وفي ماهية الأولويات إبان وقوع كوارث، بحسب الباحث موغا.

وعادة ما تكون الأجزاء الأكثر فقرا في المدن هي الأقل حظا في الحصول على تقنيات ذكية، أو حتى في أن تحظى بمسح في بعض الحالات.

وقام فريق بقيادة كارلو راتي، الباحث في معهد ماساتشوستس للتقنيات، بعمل مسح ضوئي ثلاثي الأبعاد لحي روسينها الأكثر فقرا في مدينة ريو دي جانيرو بالبرازيل.

وقدّم هذا المسح تفاصيل في تلك المنطقة لم يتم رصدها من قبل في أي من المسوحات السابقة.

ويرى راتي، أن من شأن هذه التقنية المسحية رصد العديد من البقاع، لا سيما المعرضة لانزلاقات، لكن الأهم هو اقتران التقنية الذكية باتخاذ خطوات فعلية من جانب السلطات.

يقول الباحث: “يمكن تقديم خرائط بالمشكلات التي تحتاج إلى إصلاح، لكن ذلك لن يكون ذا جدوى ما لم يقترن بإرادة الإصلاح”.

مسؤولية الخبر: إن موقع "سيدر نيوز" غير مسؤول عن هذا الخبر شكلاً او مضموناً، وهو يعبّر فقط عن وجهة نظر مصدره أو كاتبه.

مواضيع تهمك

Comments are closed.