مظاهرات السودان: رهانات الأطراف السياسية على الشارع.. الدوافع والمآلات

مظاهرات السودان

EPA

في نهاية شهر سبتمبر/ أيلول الماضي، وخلال اشتداد الأزمة السياسية بين المكونين العسكري والمدني داخل الحكومة الانتقالية، توعد نائب رئيس مجلس السيادة الفريق محمد حمدان دقلو المكون المدني بالشارع.

وقال بنبرة اتسمت بالغضب والتحدي أمام حشد من قوات الدعم السريع التي يقودها” لن يهددوننا بالشارع .. إذا كان لديهم شارع فنحن لدينا أيضا والرهيفة تنقد”. والجملة الأخيرة هي مثل شعبي يعني أن البقاء للاقوى والأصلب.

” اعتصام القصر”

وكان قائد قوات الدعم السريع الذي يشتهر باسم حميدتي يرد علي تصريحات قيادات في المكون المدني في الحكومة أكدوا فيها أنهم سيلجؤون إلى الشارع لمنع أي خطوة محتملة من العسكريين للانقلاب علي الحكم.

وبعد مرور ثلاث أسابيع من تصريحات حميدتي، سارعت مجموعة منشقة من قوي الحرية والتغيير، الحاضنة السياسية للحكومة الانتقالية، تسمى التوافق الوطني إلى الدعوة للتظاهر من أجل حل حكومة رئيس الوزراء عبد الله حمدوك وتسليم السلطة للجيش.

غير أن الكثيرين يعتقدون أن هذه المجموعة ماهي إلا واجهة للجيش للانقضاض علي السلطة. ويشيرون إلى أن الجيش قدم تسهيلات كبيرة لهم ومنحهم فرصة الاعتصام أمام القصر الجمهوري دون اعتراضهم كما جرت العادة، في حين أن المعتصمين يطالبون، دون مواربة، رئيس مجلس السيادة الفريق عبد الفتاح البرهان بإصدار بيان الانقلاب على الحكم للتخلص من الشريك المدني.

وبينما ينفي قادة الجيش هذه المزاعم تصر قوى الحرية والتغيير والمجموعات النقابية والمهنية على أن الاعتصام هو الحلقة الأخيرة في مسلسل الانقلاب على الحكم .

” احتجاجات غير مسبوقة”

ويبدو أن المكون المدني وتيارات سياسية ونقابية، من بينها تجمع المهنيين السودانيين ولجان المقاومة قد استشعرت الخطر بعد اللجوء إلى الشارع من الطرف الآخر، فقد دعت هي الأخرى الجماهير للخروج يوم 21 أكتوبر / تشرين أول وهي ذكرى مرتبطة بسقوط حكم الفريق إبراهيم عبود، أحد الأنظمة الديكتاتورية في السودان، عن طريق ثورة شعبية عام 1964.

وكما كان متوقعا، فقد لاقت الدعوة استجابة كبيرة من كافة قطاعات المجتمع وخاصة الشباب، وخرج مئات الالاف من المتظاهرين في مدن البلاد المختلفة للمطالبة بالتحول الديمقراطي وتسليم السلطة للمدنيين كما تنص الوثيقة الدستورية.

” ليست المرة الأولي”

ولم تكن هذه المرة الأولى التي تلجأ فيها أطراف الأزمة في السودان للجماهير من أجل الضغط علي الطرف الآخر وتحقيق مكاسب سياسية.

فقد سبق لأنصار التحول الديمقراطي أن لجأوا إلى هذه الخطوة عندما فضت قوات أمنية مشتركة اعتصاما بطريقة دموية أمام مقر قيادة الجيش في نهاية مايو / أيار عام 2019.

وفعلا استجابت الجماهير وقتها وخرجت في حشود هائلة في الثلاثين من يونيو / حزيران، ومنحت قادة المحتجين دفعة كبيرة وهو ما أجبر قادة الجيش وقتها بالجلوس إلى التفاوض وتشكيل الحكومة الانتقالية بشكلها الحالي.

وفي هذا الصدد، يقول المحلل السياسي ضياء الدين بلال إن اللجوء إلى الشارع ليس بالضرورة أن يكون لصالح الأغلبية.

وأضاف خلال حديثه لبي بي سي “السياقات الآن مختلفة عما كانت عليه قبل عامين.. نجح الشارع وقتها في ترجيح كفة المحتجين علي العسكر لكن الوضع الآن مختلف تماما ولأ اعتقد أن المعادلة ستتغير”.

أما الكاتبة الصحفية شمائل النور فتري أن الشارع له تأثير كبير علي مجريات الأوضاع السياسية وتشكيل الخريطة المستقبلية للأطراف.

ومضت قائلة ” صحيح أن المحتجين الذين ملأوا الشوارع لم يخرجوا من أجل قوي الحرية والتغيير ولكنهم خرجوا من أجل الدفاع عن التحول الديمقراطي وقطع الطريق أمام أي انقلاب محتمل”.

” لست وسيطا ولا محايدا”

ما كان لافتا للنظر، هو الموقف الذي أعلنه رئيس الوزراء عبد الله حمدوك خلال الأزمة الحالية والتي قال فيها إنه “ليس وسيطا وإنما منحاز بشكل كامل لأنصار التحول الديمقراطي والدولة المدنية وإنه لن يسمح بأي محاولة للانقلاب على الانتقال الديمقراطي”.

وفي هذا الصدد تقول النور إن حمدوك يمكن أن يكون بمثابة البطاقة الرابحة خلال معركة تكسير العظام هذه “الطرف الذي يمكنه أن يكسب حمدوك إلي جانبه ستكون له الغلبة في نهاية الأمر”.

مسؤولية الخبر: إن موقع "سيدر نيوز" غير مسؤول عن هذا الخبر شكلاً او مضموناً، وهو يعبّر فقط عن وجهة نظر مصدره أو كاتبه.

مواضيع تهمك

Comments are closed.