الانتخابات المغربية 2021: هزيمة كبيرة للإسلاميين، فماذا حدث؟

تصدر حزب أخنوش الانتخابات

Getty Images
تصدر حزب أخنوش الانتخابات

في تطور مثير، مُني حزب العدالة والتنمية ذو المرجعية الإسلامية بهزيمة كبرى في الانتخابات البرلمانية في المغرب، بعدما حصد 12 مقعدا فقط في مجلس النواب مقارنة بـ 125مقعدا في آخر انتخابات عام 2016.

ومنذ فوزه بانتخابات عام 2011 يقود حزب العدالة والتنمية تحالفا واسعا لقيادة البلاد، بعد بروزه كأكبر حزب فيها.

وكان الحزب قد تولى السلطة في أعقاب انتفاضات عام 2011 في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وكان يأمل في الحصول على فترة ولاية ثالثة يقود فيها ائتلافا حاكما.

حقائق عن المغرب

وقالت وزارة الداخلية في بيان إن حزب التجمع الوطني للأحرار تصدر الانتخابات البرلمانية بحصوله على 97 مقعدا، بعد فرز 96 في المئة من الأصوات، يليه حزب الأصالة والمعاصرة برصيد 82 مقعدا، وجاء في المركز الثالث حزب الاستقلال بحصوله على 78 مقعدا بينما حصل حزب الاتحاد الاشتراكي على 35 مقعدا.

وحل في المرتبة الخامسة حزب الحركة الشعبية بـ 26 مقعدا، ثم التقدم والاشتراكية بـ 20 مقعدا، وفي المركز السابع جاء الاتحاد الدستوري بـ 18 مقعدا، بينما حل حزب العدالة والتنمية في المركز الثامن بـ 12 مقعدا.

وأضاف بيان وزارة الداخلية المغربية أن نسبة التصويت بلغت 50.35 في المئة، وهي نسبة تفوق نظيرتها في انتخابات 2016.

وتظهر نتائج هذه الانتخابات تحولا هائلا في الحظوظ بين حزبي التجمع الوطني للأحرار والعدالة والتنمية حيث حصل الأول على 37 مقعدا فقط في انتخابات عام 2016، بينما حصل الثاني حينئذ على 125 مقعدا.

وكان وزراء من حزب التجمع الوطني للأحرار قد احتفظوا بالحقائب الاقتصادية الرئيسية وتشمل الزراعة والمالية والتجارة والسياحة في الحكومة المنتهية ولايتها.

“مخالفات خطيرة”

وكان حزب العدالة والتنمية قد شكا في وقت سابق من “مخالفات خطيرة” أثناء التصويت، حيث اتهم منافسيه بشراء الأصوات.

وقال الحزب : “نحن قلقون للغاية ونحن نراقب تقدم الانتخابات الوطنية، لقد شهدنا العديد من المخالفات”.

انتهاء التصويت في الانتخابات المغربية وحزب العدالة والتنمية يندد “بخروقات خطيرة”

حزب العدالة والتنمية الاسلامي يفوز بـ 107 مقاعد في الانتخابات المغربية

فوز حزب العدالة والتنمية بأكبر عدد من المقاعد بالانتخابات البرلمانية المغربية

حزب الأصالة والمعاصرة يتصدر الانتخابات المحلية في المغرب

كما أنه على الرغم من كونه أكبر حزب منذ عام 2011، فقد فشل في وقف القوانين التي يعارضها بما في ذلك قانون لتعزيز اللغة الفرنسية في التعليم وآخر للسماح بالاستخدام الطبي للقنب.

سعد الدين العثماني خسر مقعده البرلماني

EPA
سعد الدين العثماني خسر مقعده البرلماني

ومن جانبه، وصف عزيز أخنوش زعيم حزب التجمع الوطني للأحرار اتهامات حزب العدالة والتنمية بأنها “اعتراف بالفشل”.

كما قال وزير الداخلية عبد الوافي لفتيت إن التصويت جرى “في ظروف طبيعية” باستثناء بعض الحوادث المنفردة.

وأضاف وزير الداخلية قائلا إن هذه الانتخابات شهدت مشاركة 8 ملايين و789 ألف و676 ناخب وناخبة، أي بزيادة 2 مليون و152 ألف و252 ناخب مقارنة مع الانتخابات التشريعية عام 2016.

دعوة للاستقالة

وقد قدم الأمين العام لحزب العدالة والتنمية سعد الدين عثماني استقالته من زعامة الحزب. وجاءت الاستقالة بعد أن دعا عبد الإله بنكيران، الأمين العام السابق للحزب إلى عثماني إثر “هزيمة مؤلمة” للحزب في الانتخابات البرلمانية.

ففي رسالة تحمل توقيعه عبر صفحته على موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك، قال بنكيران: “بصفتي عضوا بالمجلس الوطني للحزب، وانطلاقا من وضعي الاعتباري كأمين عام سابق للحزب، وبعد اطلاعي على الهزيمة المؤلمة التي مني بها حزبنا بالانتخابات المتعلقة بمجلس النواب، أرى أنه لا يليق بحزبنا في هذه الظروف الصعبة إلا أن يتحمل السيد الأمين العام مسؤوليته ويقدم استقالته من رئاسة الحزب”.

عبد الإله بنكيران

Getty Images
عبد الإله بنكيران

وأضاف قائلا: “وسيكون نائب الأمين العام ملزما بتحمل مسؤولية رئاسة الحزب إلى أن يعقد المؤتمر العام للحزب في أقرب وقت ممكن كي يواصل الحزب تحمل مسؤوليته في خدمة الوطن من موقع الجديد”.

وكان بنكيران قد هاجم أخنوش،في مقطع فيديو ناري على فيسبوك يوم الأحد الماضي.

وقال بنكيران: “رئيس الحكومة يجب أن يكون شخصية سياسية نزيهة وفوق الشبهات”.

ورد أخنوش، الذي يقال إنه مقرب من القصر الملكي، في مقابلة الإثنين بأن الهجمات كانت “اعترافا بالفشل” من قبل خصومه، وتعهد بعدم الرد.

حكاية سلطان مغربي “سقط” من التاريخ

المغرب: منطقة الريف من الخطابي إلى الزفزافي

وخلفا لـ”بنكيران”، يتولى العثماني منذ عام 2017 قيادة الأمانة العامة للحزب، وهي تنتهي في وقت لاحق من العام الجاري.

وفشل العثماني، رئيس الحكومة المنتهية ولايتها، في الاحتفاظ بمقعده البرلماني عن دائرة “الرباط المحيط” بالعاصمة.

من هم الفائزون؟

تحول حزب التجمع الوطني للأحرار من كونه عضوا صغيرا في الائتلاف الحاكم السابق إلى الحزب الرائد في الائتلاف الجديد.

ويعد هذا الحزب الذي يتزعمه رجل الأعمال الملياردير عزيز أخنوش أقل محافظة من العدالة والتنمية، وبالتالي فهو أقرب إلى الملك محمد السادس. وقد أنهى 10 سنوات من قيادة الإسلاميين للحكومة في ظل حزب العدالة والتنمية.

وقال زعيم الحزب عزيز أخنوش خلال حملته الانتخابية: “إن التجمع الوطني للأحرار قدم الوزراء الذين حققوا نتائج ممتازة في جميع القطاعات الإنتاجية”.

وأضاف أخنوش أن حزبه ركز على المشاريع التي من شأنها أن تمكن الصناعات الزراعية والتجارية والصناعية والسياحية والسمكية من تحقيق ازدهار غير مسبوق.

عزيز أخنوش زعيم حزب التجمع الوطني للأحرار خلال حملة انتخابية

Getty Images
عزيز أخنوش زعيم حزب التجمع الوطني للأحرار خلال حملة انتخابية

وتأسس هذا الحزب في عام 1978، ويتألف من رجال الأعمال والتكنوقراط وموظفي الخدمة المدنية رفيعي المستوى.

ونجحت حملة الحزب في استمالة الناخبين تحت شعار “أنت تستحق الأفضل”، مكتوبا باللهجة المغربية بدلا من العربية التقليدية.

وكان أخنوش وزيرا للزراعة والثروة السمكية خلال فترة عضويته في الائتلاف الحكومي.

ووفقا لمجلة فوربس، تبلغ ثروة أخنوش ملياري دولار وقد جمعها من العمل في مجالات الطاقة والبنوك والعقارات والسياحة.

كما أن زوجته، إدريسي أخنوش، سيدة أعمال قوية حيث أسست وأدارت مجموعة أكسال التي تسيطر على 50 في المئة من موروكو مول، أحد أكبر سلاسل مراكز التسوق في إفريقيا.

“رجل الملك”

وكتب إسامبارد ويلكنسون تقريرا في صحيفة التايمز البريطانية الثلاثاء الماضي، بعنوان “عزيز أخنوش: رجل الملك الذي يهدف إلى الإطاحة بالإسلاميين في المغرب”.

ووصف الكاتب عزيز أخنوش بأنه صديق الملك المغربي محمد السادس، وقال إن “لحظة توليه رئاسة الوزراء قد حانت، وحزبه سيفوز في الانتخابات العامة يوم الأربعاء. وبعد ذلك، يأمل (الناس)، أن ينثر سخاء على معقله السياسي (الساحل الجنوبي للمغرب)، ويمنح (أهلها) المدارس والمستشفيات والوظائف، وفي بعض الحالات المال لشراء الأحذية الجديدة التي هم في أمس الحاجة إليها”.

ويرى أخنوش، وفق الكاتب، أن هناك “صخبا للتغيير في المغرب وأن الناخبين سيصوتون، لإنهاء عقد حزب العدالة والتنمية الحاكم في السلطة. ويقول أنصاره إن الإسلاميين لم يحققوا الرخاء الذي وعدوا به وفشلوا”.

ويشير الكاتب إلى أن “أداء المغرب كان جيدا نسبيا من الناحية الاقتصادية، لكن النمو بحاجة إلى أن يمتد إلى ما وراء المدن الكبيرة. يقول الخبراء إن المنافسة غير موجودة في العديد من القطاعات التي يسيطر عليها رجال الأعمال المقربون من النظام الملكي. يجب زيادة الإنتاجية في القطاع الزراعي. يجب خلق المزيد من الوظائف للعمال غير المؤهلين، وهم شريحة كبيرة من السكان”.

ويوضح الكاتب أن النقاد “يرون أن تغيير الحزب الحاكم لن يكون تغييرا على الإطلاق. ويشيرون إلى حقيقة أنه مهما كانت النتيجة، فإن الملك سيظل أعلى سلطة في المجالات السياسية والعسكرية والأمنية والدينية”.

العاهل المغربي محمد السادس يعين رئيس الحكومة من الحزب السياسي الذي يتصدر الانتخابات

Getty Images
العاهل المغربي محمد السادس يعين رئيس الحكومة من الحزب السياسي الذي يتصدر الانتخابات

ويضيف الكاتب “يذهب البعض إلى أبعد من ذلك ليشير إلى أن هزيمة حزب العدالة والتنمية ستكون إلى حد ما أحد أعراض تراجع الإصلاحات التي أجراها الملك بعد الربيع العربي، والتي أعطت مزيدا من الصلاحيات للبرلمان المنتخب والحكومة”.

ويشرح الكاتب “أخنوش، الذي يُعتقد على نطاق واسع أن حزبه التجمع الوطني للأحرار، يفضله الملك والذي بنى سمعته السياسية كوزير للفلاحة لمدة 15 عاما، يصر على أن قيادته ستكون تحسنا ملحوظا عن (حكم) الإسلاميين”.

ويلفت إلى أنه “أمضى خمس سنوات في إعادة بناء الحزب بشكل جذري، ونشر نفوذه في جميع أنحاء البلاد. وزاد نجاحه من التوترات الأسبوع الماضي، فيما اتهمه الإسلاميون وأحزاب أخرى بالإنفاق غير القانوني على حملته الانتخابية”.

“ويتهم آخرون حزبه بأنه جزء من القوى التي روضت حزب العدالة والتنمية نيابة عن الملك، ونجحت في المناورة للإطاحة بعبد الإله بنكيران، وهو شعبوي يتمتع بشخصية كاريزمية كان رئيسا للوزراء قد شكل تهديدا محتملا للنظام الملكي وسلطته”، يقول الكاتب.

وينقل الكاتب عن ريكاردو فابياني، خبير شؤون شمال إفريقيا في مجموعة الأزمات الدولية، قوله إن “السؤال الرئيسي هو ما إذا كان بإمكان الإسلاميين النجاة من ترويضهم من قبل النظام الملكي، أو التخلي عنهم من قبل الناخبين المحبطين من عدم قدرتهم على إصلاح النظام. كما ستكون القضية المركزية هي معدل الإقبال، الذي كان يتراجع باطراد في الانتخابات السابقة”.

وأضاف فابياني “سيكون مؤشرا رئيسيا يجب مراقبته لتقييم شرعية النظام السياسي الحالي ومستوى خيبة الأمل لدى السكان”.

ولفت فابياني إلى أن “حزب العدالة والتنمية بمثابة شاهد على مقاومة النظام للتغيير. في حين أن البلد رسميا هو نظام ملكي دستوري، فإن الدولة في الواقع يديرها الملك من خلال شبكة معقدة من المحسوبية التي يسيطر عليها وجهاء الريف وأصدقاؤه”.

تحالفات الأحزاب

ومن المتوقع أن تصعب قواعد التصويت الجديدة على الأحزاب الأكبر الفوز بأكبر عدد من المقاعد كما كان الحال من سابقاً والتغييرات في نظام التصويت هذا العام، تعني أنه سيتم احتساب حصص الأحزاب من المقاعد على أساس الناخبين المسجلين، بدلا من أولئك الذين أدلوا بأصواتهم بالفعل، في تعديل يُنظر إليه على أنه لصالح الأحزاب الأصغر.

يعني ذلك أنه سيتعين على حزب التجمع الوطني للأحرار الدخول في محادثات ائتلافية لتشكيل حكومة.

وقبل الانتخابات، قال المحلل السياسي رشيد لزرق لوكالة أنباء الأناضول: ” للأسف يصعب الحديث عن تحالفات بين الأحزاب قبل الانتخابات، وهو ما يعني أن هذا الأمر مؤجل حتى الإعلان عن النتائج”.

وأضاف قائلا إن غياب التحالفات قبل الإعلان عن النتائج يدل على غياب برامج قوية للأحزاب المشاركة.

وأوضح لزرق، أن نمط الاقتراع بالمغرب يحتم ضرورة التحالف لتشكيل الحكومة، إذ لا يمكن لحزب أن يظفر بتشكيل الحكومة بمفرده، حيث إن البلاد تحرص على التعددية في تدبير الشأن العام.

ما الذي نعرفه عن الانتخابات المغربية؟

هزيمة حزب العدالة والتنمية ذي المرجعية الإسلامية في الانتخابات المغربية

وبحسب المحلل المغربي، فإنه “بموجب الفصل 47 من الدستور سيتم تحديد رئيس الحكومة المغربية المقبلة”.

وينص الفصل 47 على أن الملك يعين رئيس الحكومة من الحزب السياسي الذي تصدّر انتخابات أعضاء مجلس النواب، وعلى أساس نتائجها، فيما يعين أعضاء الحكومة باقتراح من رئيسها.

وقال لزرق إن قيادة التجمع الوطني للأحرار قالت إنها “منفتحة على كل الأحزاب”.

الانتخابات المغربية

Getty Images

وصادق المجلس الوطني لحزب التجمع الوطني للأحرار، على قرار تفويض صلاحية وحق إقرار التحالفات السياسية والانتخابية لرئيس الحزب عزيز أخنوش.

الانتخابات الثالثة

وهذه الانتخابات هي الثالثة من نوعها منذ صدور الدستور المغربي الجديد، وذلك بعد انتخابات عامي 2012 و2016.

كما أنها الانتخابات الخامسة في عهد العاهل المغربي الملك محمد السادس.

محطات في حكم الملك محمد السادس للمغرب

ووفقا للنظام الانتخابي في المغرب، لا يمكن لحزب واحد الفوز بأغلبية مطلقة، الأمر الذي يجبر الفائزين على الدخول في مفاوضات لتشكيل حكومات ائتلافية ما يحد من النفوذ السياسي للأحزاب.

وكانت كل السلطات التنفيذية في يد الملك حتى عام 2011، عندما وافق الملك محمد السادس على تحويل الحكم في البلاد إلى ملكي دستوري في غمرة انطلاق المظاهرات والاحتجاجات في المنطقة فيما عرف بالربيع العربي.

وعلى الرغم من تخلي الملك عن بعض سلطاته كجزء من الاصلاحات الدستورية، إلا انه مازال أقوى شخصية في البلاد وهو الذي يختار رئيس الوزراء من الحزب الفائز بالانتخابات، والذي سيشكل بعد ذلك الحكومة ويقدمها للملك للموافقة عليها.

أبرز المحطات في ملف العلاقات بين الجزائر والمغرب

الصحراء الغربية: حقائق عن أحد أطول النزاعات في القارة الأفريقية

تعرف على قضية الصحراء الغربية التي أثارت “أزمة” بين السعودية والمغرب

وللقصر الكلمة الأخيرة في التعيينات المتعلقة بالإدارات الرئيسية بما في ذلك الداخلية والشؤون الخارجية والدفاع. كما أن القصر يحدد أيضا الأجندة الاقتصادية في ذلك البلد.

ويرأس الملك المجلس القضائي والجهاز الأمني، كما أن بعض المناصب الرئيسية مثل وزير الداخلية يشغلها تكنوقراط يعينهم الملك.

مسؤولية الخبر: إن موقع "سيدر نيوز" غير مسؤول عن هذا الخبر شكلاً او مضموناً، وهو يعبّر فقط عن وجهة نظر مصدره أو كاتبه.

مواضيع تهمك

Comments are closed.