اعتماد خورشيد: محطات في حياة الفنانة التي أثارت جدلا حول دور جهاز المخابرات في عهد عبد الناصر

لم تشتهر اعتماد خورشيد، التي رحلت عن عالمنا منذ أيام، بسبب عملها في الإنتاج السينمائي، بقدر ما اشتهرت بسبب تصريحاتها التي طالما أثارت جدلا كبيرا في مصر.

تزوجت اعتماد في سن مبكرة من المصور السينمائي الراحل، أحمد خورشيد، الذي كان يكبرها بعقود وهو والد الممثل وعازف الغيتار الراحل عمر خورشيد والممثلة شريهان، لكن اعتماد لم تكن أمهما وإنما زوجة أبيهما.

وعملت في مجال الإنتاج السينمائي وطبع وتحميض الأفلام. كما أسست شركة إنتاج سينمائي مع صلاح رمسيس ولبنى عبد العزيز، وأسست أيضا “معامل اعتماد خورشيد” للطبع والتحميض، والتي شاركت في أعمال المونتاج لعدد من الأعمال السينمائية منذ أواخر الخمسينيات وحتى السبعينيات من القرن الماضي.

صلاح نصر

برزت شهرة اعتماد حين ألفت كتابا حول انحرافات جهاز المخابرات المصرية، في فترة الستينيات من القرن الماضي، تحت قيادة زوجها الراحل صلاح نصر.

وحسب ما جاء في الكتاب، الذي حمل عنوان “اعتماد خورشيد… شاهدة على انحرافات صلاح نصر”، فإن الأخير أجبر زوجها السابق أحمد خورشيد على تطليقها لكي يتزوجها هو، كما أجبره على أن يكون شاهدا على عقد الزواج.

لكن بعد أن حققت معها النيابة العامة، حول اتهامها بـ”نشر أكاذيب مضللة ومسيئة لجهاز المخابرات المصرية”، قالت اعتماد إنها هي من طلبت الطلاق من أحمد خورشيد لأنه “يخونها”.

وقد صدر هذا الكتاب في عام 1988، وطبع 6 مرات خلال ثلاثة أشهر، وحقق مبيعات منقطعة النظير، لكنه سحب من الأسواق استنادا لحكم قضائي.

تحدثت اعتماد في كتابها عن الانحرافات الأخلاقية للسلطة، فيما سمته “تجنيد الفنانات” لدى المخابرات المصرية تحت إشراف صلاح نصر رئيس الجهاز، وصفوت الشريف أحد مساعدية، الذي أصبح لاحقا وزيرا للإعلام في عهد الرئيس المصري الراحل حسني مبارك.

وذكرت اعتماد الأحرف الأولى من أسماء الفنانات اللاتي تم “تجنيدهن وابتزازهن جنسيا”، لكن ذلك كان كفيلا بالكشف عن هوياتهن، كما قالت إن المخابرات جندت عشرات النساء الأخريات من خارج الوسط الفني.

وتولى صلاح نصر رئاسة جهاز المخابرات المصري، بين عامي 1957 و1967.

حوكم نصر بعد هزيمة مصر أمام إسرائيل في حرب عام 1967، في قضية انحراف المخابرات، وحسب أسرة خورشيد فقد أدلت اعتماد بشهادتها في تلك القضية عام 1968 والتي أدين فيها صلاح نصر وصفوت الشريف، لكنها تعرضت وأسرتها “للتنكيل من جانب الشريف” بعد توليه منصب وزير الإعلام، وفقا لتصريحاتها.

وحٌكم على نصر بالسجن المؤبد نتيجة تلك المحاكمة، لكنه تلقى عفوا من الرئيس الراحل أنور السادات وخرج من السجن عام 1974، وأمضى بقية حياته منعزلاً مريضًا حتى توفي عام 1982.

صفوت الشريف

كما أسفرت المحاكمة عن فصل صفوت الشريف من جهاز المخابرات عام 1968، بعد نحو عشر سنوات من عمله به، لكنه عاد للحياة السياسية عبر تعيينه في الهيئة العامة للاستعلامات عام 1975، ثم أصبح رئيسا لها وتدرج حتى أصبح وزيرا للإعلام في عهد مبارك مطلع عام 1982.

واتهمت أسرة خورشيد في تصريحات متفرقة الشريف بالمسؤولية عن “مقتل” عمر خورشيد، وعن حادث سيارة تعرضت له شقيقته شريهان، وكذلك عن “مقتل” الممثلة الراحلة سعاد حسني في العاصمة البريطانية لندن.

صفوت الشريف

Getty Images
كان صفوت الشريف (يمين الصورة) من أبرز رموز نظام مبارك

لكن الرواية الرسمية المصرية تنفي كل تلك الاتهامات، وتفيد بمقتل عمر خورشيد في حادث سير عادي.

وأصدرت اعتماد كتابا جديدا بعنوان “اعتماد خورشيد.. شاهدة على انحرافات صفوت الشريف” عام 2012، بعد سقوط نظام حسني مبارك، ورجله المقرب صفوت الشريف.

وتحدثت اعتماد علنا حينذاك عن “محاولة قتلها ومقتل سعاد حسني وعمر خورشيد بأوامر من صفوت الشريف”. بل إنها قالت إن ملك مصر الراحل فاروق مات مقتولا بالسم “على أيدي أحد افراد المخابرات المصرية”.

وفي نفس يوم وفاة صفوت الشريف في يناير/ كانون الثاني من العام الجاري 2021، أعلنت أسرة خورشيد عن تلقيها العزاء في فقيدها عمر، بعد نحو أربعين عاما من وفاته وذلك في إشارة إلى “مسؤولية الشريف عن مقتله”.

كما فعلت شقيقة سعاد حسني الأمر ذاته.

ولفت إيهاب، شقيق عمر خورشيد، في تصريحات تلفزيونية إلى وجود ارتباط بين “مقتل شقيقه ومقتل سعاد حسني”، لكنه أضاف “أنه لا يملك الأدلة التي تُدين صفوت الشريف”.

وحوكم الشريف في قضايا فساد بعد سقوط نظام مبارك، وحكم عليه بالسجن لثلاث سنوات لإدانته في قضية تتعلق بالكسب غير المشروع.

أعمال فنية

أنتجت اعتماد العديد من الأعمال الفنية التي تحدثت عن انحراف جهاز المخابرات المصرية، أبرزها فيلم “الكرنك” من تأليف الأديب الراحل نجيب محفوظ عام 1975، الذي لعبت بطولته – وللمفارقة – الراحلة سعاد حسني، وفيلم “كشف المستور” عام 1994.

لكن في المقابل أنتجت أعمال أخرى تمجد دور المخابرات، وأبرزها مسلسل “دموع في عيون وقحة” عام 1980 و”رأفت الهجان” الذي أذيع جزؤه الأول عام 1987.

توفيت اعتماد خورشيد يوم الأحد 27 من يونيو/ حزيران الجاري بعد إصابتها بالتهاب رئوي، وذلك بإحدى المستشفيات المصرية حسبما أعلن نجلها إيهاب.

مسؤولية الخبر: إن موقع "سيدر نيوز" غير مسؤول عن هذا الخبر شكلاً او مضموناً، وهو يعبّر فقط عن وجهة نظر مصدره أو كاتبه.

مواضيع تهمك

Comments are closed.