فيروس كورونا: كيف تأثرت الصادرات الزراعية المصرية بتفشي الوباء؟

مزارع يجمع محصول البطاطس

Getty Images

لم يكن حسان يتوقع أن تنته الحال بمحصول البطاطس، الذي قضى شهورا في رعايته، كـ”علف للمواشي”.

حسان، الذي لا يملك مصدر دخل آخر سوى ريع أرضه الزراعية بمحافظة المنيا جنوبي مصر، يواجه الآن ضائقة مالية خانقة بسبب تراجع أسعار البطاطس.

يقول حسان لبي بي سي: “سعر طن البطاطس حاليا وصل إلى 500 جنيه (حوالي 30 دولارا أمريكيا) وهو أقل من سعر طن أي علف للمواشي”.

ولا تختلف حال حسان كثيرا عن حال عدد كبير من منتجي البطاطس في مصر؛ فبحسب أحمد الشربيني نائب رئيس الجمعية العامة لمنتجي البطاطس المصريين، بدأ عدد من المزارعين بالفعل في التخلص من المحصول بطرق مختلفة، لانخفاض سعر البيع بأقل من سعر التكلفة بما يزيد على 50 في المئة.

الأسباب وطرق العلاج

يرى متابعون أن سبب الأزمة ليس وباء كورونا ولكن الأمر أعمق من ذلك.

ويقول الشربيني إن منتجي البطاطس تنبأوا بالأزمة قبل حدوثها بأكثر من عام، وطالبوا الحكومة بالتدخل، لكن شيئا لم يحدث.

ويوضح الشربيني لبي بي سي: “انخفاض سعر البطاطس بهذا الشكل نتيجة طبيعية لدخول كميات تقاوي مستوردة أكثر من استهلاك الدولة، وطالبنا الحكومة عام 2019 بوقف الاستيراد لكنهم لم يتحركوا”.

ويرى حسين عبد الرحمن أبو صدام، نقيب الفلاحين، أن هذا الانخفاض في الأسعار سببه كثرة المساحات المزروعة، وإهمال وزارة الزراعة في توعية وإرشاد الفلاحين عن الكميات المفروض زراعتها.

ويقول أبو صدام لبي بي سي: “طالبنا الحكومة بصرف تعويضات للفلاحين المتضررين أو على الأقل توفير قروض ميسرة بفوائد بسيطة للمزارعين، لكن ذلك لم يحدث حتى الآن”.

ومن جانبها، تقول الحكومة المصرية إن سبب الأزمة هو غياب التنظيم.

وصرح وزير الزراعة المصري السيد القصير، في ديسمبر/كانون الأول الماضي للإعلام، بأن دور الوزارة قائم على توفير منتج جيد وفتح أسواق خارجية للتصدير.

وأضاف الوزير آنذاك: “في بعض الأوقات تحدث زيادة في المعروض عن الطلب وهذا الأمر يحتاج إلى تنظيم مع جمعيات البطاطس، وعلى المزارعين الالتزام بالمساحات المخصصة لزراعة البطاطس كل عام”.

ارتفاع الحاصلات الزراعية

كانت الحكومة المصرية أعلنت في ديسمبر/كانون الأول الماضي عن ارتفاع حجم الصادرات الزراعية المصرية إلى أكثر من خمسة ملايين طن خلال العام الجاري، مقارنة بحوالي 4.9 مليون طن العام الماضي.

وطبقا لبيانات وزارة الزراعة المصرية، هذا هو العام الثالث على التوالي الذي ترتفع فيها الصادرات الزراعية بنسب غير مسبوقة.

وعزت وزارة الزراعة المصرية ذلك إلى جودة الصادرات الزراعية المصرية وقيام الدولة بفتح أسواق جديدة للسلع المصرية في الخارج.

أما جمال صيام، ﻤﺩﻴﺭ ﻤﺭﻜﺯ ﺍﻟﺩﺭﺍﺴﺎﺕ ﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺩﻴﺔ ﺍﻟﺯﺭﺍﻋﻴﺔ بجامعة ﺍﻟﻘﺎﻫﺭﺓ، فيرى أن هذه الزيادة جاءت بشكل أساسي بسبب فيروس كورونا.

فيروس كورونا: كيف أثر الوباء على صناعة الأغذية في العالم؟

ويوضح صيام وجهة نظره لبي بي سي، قائلا: “حين تعطّل التصدير من البلدان المنافسة بسبب كورونا، استغلت الأسواق المصرية الفرصة وتمكنت من ملء هذا الفراغ”.

وطبقا لبيانات وزارة الزراعة، أصبحت مصر المنتج الأكبر عالميا لزيتون المائدة والتمور، كما أصبحت الأكثر تصديرا عالميا للموالح و الفراولة المجمدة.

الزراعات التعاقدية وبورصة السلع

البورصة المصرية

Getty Images

كانت الحكومة المصرية أعلنت في سبتمبر/أيلول الماضي تأسيس شركة البورصة المصرية للسلع، على أن تبدأ عملها في وقت لاحق من العام الجاري 2021.

وقال وزير التموين والتجارة الداخلية المصري آنذاك إن هذه الخطوة تأتي لحماية صغار المزارعين والمنتجين عن طريق جمع إنتاجهم وتصنيفه وطرحه على كافة المتعاملين على منصة البورصة في شكل سوق منظم على النحو الذي يساهم في زيادة القدرة التنافسية لصغار المزارعين والمنتجين.

وفي عام 2015، أصدر الرئيس عبد الفتاح السيسي قرارا جمهوريا، بإنشاء مركز الزراعات التعاقدية. ويهدف هذا القرار لتسهيل عملية تسويق المحاصيل الزراعية، عن طريق تحديد سعر المحصول قبل البدء في زراعته، بجانب تحديد المساحات الزراعية لكل محصول.

لكن اللائحة التنفيذية لهذا القانون لم تصدر حتى الآن، مما يعني أنه لم يدخل حيز التنفيذ الفعلي رغم مرور أكثر من خمس سنوات على صدور القرار بإنشائه.

وتعليقا على ذلك، قال وزير الزراعة المصري السابق، عز الدين أبو ستيت: “مركز الزراعات التعاقدية واجه العديد من المشاكل منذ صدور قرار إنشائه عام 2015، تتعلق بعدم توافر مكان لإقامته وعدم توافر ميزانية تحكمه وأيضا ما يتعلق باللائحة التنفيذية”.

لكن جمال صيام، أستاذ الاقتصاد الزراعي يرى أن بورصة السلع والزراعات التعاقدية لن تغير الوضع للأفضل.

ويوضح صيام لبي بي سي: “يجب أن تكون هناك كيانات وجمعيات فعالة تمثل الفلاحين أمام الوزارة وفي بورصة السلع حتى تكون هذه الآليات فعالة ونافذة. الوجود الفردي سيجعل الأمور أصعب”.

مشروع الألف فدان

كان الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي أعلن في أواخر عام 2015 عن بداية مشروع الـ” المليون ونصف فدان”، لزيادة مساحة الرقعة الزراعية في مصر.

وطبقا لهذه التصريحات آنذاك، يهدف المشروع إلى سد الفجوة في السوق المحلية ما بين الإنتاج والاستيراد وتوفير فرص عمل، وفرص للاستثمار.

لكن جمال صيام أستاذ الاقتصاد الزراعي بجامعة القاهرة يرى أن هذا المشروع من الممكن أن يتسبب في مشكلة في السوق المحلية إذا لم تتمّ إدارته بشكل مدروس.

ويضيف صيام لبي بي سي: “إذا تم توجيه إنتاج هذه الأراضي الجديدة للسوق المحلية، ستصبح الفجوة بين المعروض والمطلوب ضخمة للغاية ويتسبب ذلك في خسائر ضخمة للمزارعين. يجب أن توجه حصيلة هذه المشاريع للتصدير بشكل أساسي”.

مسؤولية الخبر: إن موقع "سيدر نيوز" غير مسؤول عن هذا الخبر شكلاً او مضموناً، وهو يعبّر فقط عن وجهة نظر مصدره أو كاتبه.

مواضيع تهمك

Comments are closed.