العمل من الفراش: أنا لست مضطرا حتى لتبديل ملابسي

أحيانا لا تشغل سوزان بوث، مطورة عقارية في يوركشاير، نفسها بتبديل ملابسها في الصباح.

وبدلا من ذلك، تعد كوبين من الشاي (لتوفر على نفسها عناء الهبوط من الطابق العلوي من المنزل لصنع المزيد من الشاي)، وترتدي قميصها الرمادي الفضفاض بينما جهاز اللابتوب في وضعية الاستعداد وهي تستمع بمشاهدة شروق الشمس في سوايلدايل.

وقالت بوث لبرنامج يو آند يورز المذاع على قناة بي بي سي4: “عندما أعمل من الفراش دائما ما أشعر بالعفوية”.

ولا تمضي هذه المطورة العقارية، التي كانت تعمل لدوام كامل في المكتب حتى مارس/ آذار الماضي لكنها الآن لديها عملها الخاص، في الفراش أبدا سوى عدة ساعات. وبمجرد الحصول على كوبها السادس من الشاي تعرف أنه حان الوقت للنهوض وقضاء باقي اليوم في مهام أخرى بخلاف العمل.

ربما بعد عشرة أشهر من العمل والتعلم من المنزل، نكون قد قضينا ما فيه الكفاية من الوقت في كل غرفة في المنزل (ربما لأن أطفالك يجلسون على طاولة المطبخ)، لكن العمل من الفراش يبدو أكثر جاذبية.

طاولة الفراش

ترجح مقالات في عدد من الصحف أننا نشتري طاولات “فراش” ووسائد لنرفع بها أنفسنا لأعلى.

وقالت شركة إتسي لمبيعات التجزئة إن هناك زيادة بنسبة 606 في المئة في البحث عن حوامل اللابتوب مقارنة في الفترة الأخيرة مقارنة بنفس الفترة من العام الماضي علاوة على ارتفاع كبير في عدد عمليات البحث عن طاولات اللابتوب بواقع 347 في المئة، وفقا لما نشرته صحيفة التايمز.

وعلى مواقع التواصل الاجتماعي، نعترف أننا نلهو مع القطة بيد بينما نمسك في الأخرى اللابتوب أو الهاتف أو الكمبيوتر المحمول. واستخدم حوالي عشرة آلاف شخصا وسم #workingfrombed على موقع التواصل الاجتماعي عبر الصور إنستاغرام وهو في هذه الوضعية.

صفقات اللحاف

هناك أيضا بين المعجبين بالبقاء في وضعية الرقود المخرج السينمائي ستيفن روبرت مورس.

وعن العمل من الفراشن يقول روبرت مورس: “أحب ذلك، ولا أريد مغادرة الفراش، وليس علي أن أفعل ذلك”.

فمنذ بداية انتشار الوباء، يقوم هذا الرجل من نيويورك في الولايات المتحدة الذي يقيم في لندن في الوقت الحالي بأغلب مهام عمله من هذا المكان. فهو يستطيع الوصول إلى مرجل المياه، وقراءة رسائل البريد الإلكتروني التي تصله والرد عليها ثم مشاهدة بعض الأفلام أو التفكير في المقطوعات الموسيقية.

ربما لا يفصل بين مورس ولحافه سوى سروال قصير، لكن ذلك لا يمنعه من مواصلة العمل.

ويقول المخرج السينمائي: “انتهيت من عدة صفقات من هذا الفراش، وتحدثت إلى محامين من الفراش، ودخلت في مفاوضات حادة من على الفراش”.

ورغم البقاء في الفراش، لا يرى هو ولا بوث ما قد يمنعهما من مواصلة إنجاز عملهما، بل على العكس يؤديانها على أكمل وجه.

وعلى مدار العام الماضي، انتهت شركة لون وولف ستوديوز، المملوكة لمورس، من إنتاج فيلمين كانت قد بدأت العمل فيهما قبل ظهور الوباء بينما يأمل مورس في بداية تصوير عمل جديد قريبا.

في المقابل، قالت بوث: “أنا مماطلة بمعايير أوليمبية”.

وأضافت: “فلو أن لدي ما يتطلب كل اهتمامي، أرى أن الفراش مكان مناسب جدا لإنجاز هذا الأمر. ففي الفراش لا أنشغل بغسل الثياب ولا تشغيل غسالة الأطباق. إنه مكان جيد للتركيز”.

فكرة سيئة

في الصباح، كانت بوث تتحدث إلى بي بي سي وتختار جناحا للحمام في أحد المنازل – فقد كان عليها أن تجعل المساحة المتاحة تتناسب مع الميزانية – بينما تجس على الفراش دون أن تضطر لمغادرته.

في المقابل، يحذر الكثير من المتخصصين في الرعاية الصحية من جراحي العظام وحتى خبراء النوم من هذا الاتجاه الجديد.

وقالت صوفي بوستوك، مؤسسة موقع ذي سليب ساينتست: “إذا كانت علاقتك جيدة بالنوم، فهناك احتمال قوي لأن تشعر بالاسترخاء والراحة عندما تكون في الفراش، وهو أمر جيد على المدى القصير”.

لكن بمرور الوقت، قد يؤدي العمل في الفراش إلى فقدانك القدرة على النوم، و فقا لبوستوك.

وأضافت: “إذا لم تكن موفقا في أحد أيام العمل، فسوف تبدأ في تغيير شكل علاقتك بالفراش بسبب الضغط الذي تتعرض له، ومواعيد الانتهاء من مهام العمل، والمحادثات المزعجة مع رئيسك”.

وتابعت: “ساعتها قد تستبدل العلاقة الإيجابية بينك وبين الفراش بعلاقة أخرى بعملك. لذا عندما تصطحب تلك الإحباطات، والأفكار معك إلى الفراش، سوف تجدها تغزو لياليك”.

التغيير

تقول بوستوك أنك لابد أن تلتزم بالقواعد: “غرفة نومي للنوم وممارسة الجنس فقط، لا شيء غير ذلك”.

لكنها تعترف أن هناك مساحة في المنزل تسمح باختيار غرفة أخرى للعمل.

وتضيف مؤسسة موقع سليب سيانتست: “بعض الناس ليس لديهم خيار آخر، لابد من تعلم كيفية الفصل النفسي بين منطقة النوم ومنطقة العمل”.

واقترحت للتغلب على هذه المشكلة إلقاء غطاء بلون مختلف على الفراش، أو تغيير الإضاءة، أو تبادل الأماكن مع الأطفال – السماح لهم واستذكار الدروس في غرفة نومك بينما أنت تعمل في غرفتهم.

وأضافت: “إذا كنت مضطرا للعمل في غرفة النوم فأحضر طاولة وضعها تحت النافذة في غرفة النوم”.

لكن مورس يرى أن في ذلك إخلال ببعض الميزات الفريدة للعمل من الفراش.

فهو يرى أنه يبدأ في إنجاز مهام عمله في وقت مبكر، ولا ينشغل بالحديث مع أحد مما يساعده على التركيز في أفكاره. كما أشار إلى أنه عندما يعمل من الفراش يكون مستمعا جيدا بينما رأسه ملتصقة في رأس السرير ورجلاه ممدودتان.

“الجلوس على الطاولة يضعك في وضعية جامدة، وربما يأتيك الإبداع وأنت على الفراش، إذ تفكر بوضوح وأنت هادئ”.

لكن البعض يفكرون بطريقة تتضمن أن القيلولة لوقت قصير، وهو شيء آخر يؤمن به روبرت مورس، تعزز الإبداع. وتتفق معه في ذلك بوستوك التي ترى أن القيلولة مهمة بالنسبة لمن يحرمون النوم بسبب دوام العمل الليلي، ومن لديهم أطفال صغار، وهي ما أسمتها خبيرة النوم “قيلولة الطاقة” التي من الممكن أن تؤدي إلى تجدد الطاقة الذي نريده.

وقالت بوستوك: “إذا أردت الشعور باليقظة، عليك أن الحصول على قسط من النوم الخفيف لمدة 15 دقيقة، لكنك لن تغط في النوم العميق”.

وأضافت: “القيلولة لوقت قصير تحسن الحالة المزاجية والإدراك، لكن ليس النوم العميق الذي يحقق ذلك. فبعد النوم العميق لمدة 40 دقيقة، قد يستغرق الأمر ساعات تحتاج إلى وقت أطول لتشعر باليقظة”.

لسنا وحدنا من نمر بهذه التجربة، وهي اللجوء إلى الفراش في الأوقات العصيبة، وهي عادة لها تاريخ طويل ومعروف.

فالفنانة التشكيلية فريدا كاهلو، أنتجت أهم لوحاتها في الفراش. كما كان المؤلف الأمريكي ترومان كابوت لا يستطيع التفكير إلا إذا كان مستلقيا”.

كما حول الملك لويس الرابع عشر، ملك فرنسا، مرسمه في قصر فرساي إلى غرفة نوم وألقى خطابات على العشرات من الناس يوميا من فراشه.

وأملى رئيس الوزراء البريطاني السابق ونستون تشرشيل خطابات هامة وهو على الوسائد. كما قضت فلورانس ناتينغايل المرموقة حوالي نصف قرن طريحة الفراش، لكنها وضعت وطورت في ذلك الوقت السياسات التي يتم تشغيل المستشفيات وفقا لها من غرفتها.

رغم ذلك، لا يزال العمل من الفراش لا يحظى باحترام الآخرين، فلا تزال مترددا في إخبار مديرك بأنك تستعد لاجتماع التاسعة صباح بثياب النوم .

ويعترف ستيفن روبرت مورس بأن ذلك من أسباب جاذبية العمل من الفراش.

ويقول: “أحب أن أكون أمريكيا في المملكة المتحدة، أحب كسر القواعد. فعندما لا تؤذي أحد ولا تقدم على شيء غير شرعي، اكسر القواعد”.

مسؤولية الخبر: إن موقع "سيدر نيوز" غير مسؤول عن هذا الخبر شكلاً او مضموناً، وهو يعبّر فقط عن وجهة نظر مصدره أو كاتبه.

مواضيع تهمك

Comments are closed.