إطلاق سراح المتهمين بـ “ذبح” الصحفي الأمريكي دانيال بيرل في باكستان

الصحفي الأمريكي دانيال بيرل

Getty Images
الصحفي الأمريكي دانيال بيرل

قضت المحكمة العليا في باكستان اليوم الخميس بإطلاق سراح أربعة رجال متهمين بقتل الصحفي الأمريكي دانيال بيرل عام 2002.

وكان بيرل مديرا لمكتب صحيفة وول ستريت جورنال في جنوب آسيا، عندما اختُطف وذُبح أثناء إعداده تحقيقا صحفيا حول جماعات متشددة في باكستان.

وكان متشدد بريطانيّ المولد قد أدين بتخطيط جريمة القتل بالاشتراك مع ثلاثة آخرين. لكن المحكمة العليا في باكستان أيدّت حكما بتبرئة المتهمين.

وقال محام الضحية إن عائلة بيرل “في صدمة تامة”، واصفا قرار المحكمة بأنه “استخفاف بالعدالة”.

وقال مسؤولون أمريكيون إنهم سيحاولون الشروع في إجراءات قانونية ضد عمر سعيد شيخ، المعروف بشيخ عمر، والمتهم بقتل بيرل لمحاكمته في الولايات المتحدة.

محكمة باكستانية تفرج عن مشتبه به في قتل الصحفي الأمريكي دانيال بيرل

ماذا حدث لـ دانيال بيرل؟

في أعقاب هجمات 11 سبتمبر/أيلول 2001 على الولايات المتحدة، سافر دانيال بيرل الصحفي في جريدة وول ستريت جورنال إلى باكستان لعمل تحقيقات صحفية عن الجماعات المسلحة. ولم يكن بيرل يدري أنه سيمسي أحد ضحايا تلك الجماعات.

في البداية، انتشرت صور لـ بيرل وهو يرسف في الأصفاد بينما سلاحٌ موجّه إلى رأسه. ثم ذُبح بيرل.

وقد صوّر المتطرفون جريمة ذبحه في مقطع فيديو، في نهجٍ دعائي صار متّبعًا بعد ذلك على أيدي تنظيمَي القاعدة والدولة الإسلامية.

ووُلد شيخ عمر، المتهم بقتل بيرل، في بريطانيا حيث تلقى تعليمه في مدرسة خاصة تقتضي دفع رسومٍ مالية في شرقي لندن، قبل التحاقه بكلية لندن للاقتصاد. لكن دوائر الجهاديين استطاعت اجتذاب شيخ عمر إليها.

وفي عام 1994، سُجن شيخ عمر في الهند، على أثر اختطاف عدد من السائحين الغربيين، لكن أُطلق سراحه بعد خمس سنوات مع اثنين آخرين من المتشددين في صفقة لتبادل الأسرى مع مسلحين.

وكان مسلحون قد اختطفوا طائرة وأجبروا قائدها على الهبوط في منطقة تسيطر عليها حركة طالبان في أفغانستان، وهناك طالب المختطفون بإطلاق سراح شيخ عمر ورفاقه المحتجزين في الهند مقابل إطلاق سراح ركاب الطائرة المختطفين.

شيخ عمر في قبضة الأمن

Getty Images
عمر سعيد شيخ أدين بقتل دانيال بيرل عام 2002 وبُرّئت ساحته عام 2020

وجرى اللقاء الأول الذي جمع شيخ عمر بـ بيرل في فندق بمدينة روالبيندي في يناير/كانون الثاني عام 2002. وانتحل شيخ عمر اسمًا غير اسمه الحقيقي وتظاهر بأنه أحد تلامذة شيخ متشدد أراد بيرل إجراء حوار معه.

ووعد شيخ عمر الصحفي بيرل بترتيب مقابلة تجمعه بالشيخ الذي يبحث عنه. وكان شيخ عمر في حقيقة الأمر ينصب شرَكا لضحيته. وبوصول بيرل إلى مطار كراتشي، تعرّض للاختطاف.

وطالب مختطفو بيرل بمعاملةٍ أفضل لمن تحتجزهم القوات الأمريكية في معتقل غوانتانامو، وبعودة كل الباكستانيين المحتجزين هناك.

وطالب مختطفو بيرل أيضا الولايات المتحدة بتزويدهم بشحنة من الطائرات المقاتلة كانت واشنطن قد وعدت بإرسالها إلى باكستان لكن إجراءات الإرسال تعطلت، أو بإعادة ثمن هذه الشحنة من الطائرات إليهم علاوة على فوائد الأموال.

وفي النهاية، قُتل الصحفي دانيال بيرل بعد اتهامه بالتجسس لصالح الموساد الإسرائيلي كونه يهوديا أمريكيا.

اتهام أربعة أشخاص بقتل دانيال بيرل

لماذا بُرئت ساحة المتهمين؟

أجرت السلطات الباكستانية تحقيقا وقّفت على أثره شيخ عمر وثلاثة آخرين ووجهت إليهم اتهامات وأدانتهم عام 2002. وبرز حينها دليل قوي على أن شيخ عمر هو العقل المدبر لعملية الاختطاف في فندق روالبيندي بشهادة شخصين، لكن المحاكمة شابتها عيوب مؤثرة.

وأُقرّ على نطاق واسع بأن شيخ عمر سلّم نفسه بادئ الأمر لجهاز الاستخبارات الباكستاني القوي، غير أن الشرطة والنيابة حاولت التغطية على ذلك رغم الأدلة القوية، وزعمت بأن شيخ عمر أُلقي القبض عليه بعد أسبوع بينما كان يطوف حول مطار كراتشي.

بعد ذلك، بدأت تظهر أدلة تشير إلى أن شيخ عمر لم ينفّذ جريمة القتل بنفسه، ويُعتقد الآن أن أحد عناصر تنظيم القاعدة البارزين والذي يخضع الآن للاعتقال في غوانتانامو، ويُدعى خالد شيخ محمد، هو المسؤول عن تنفيذ الجريمة. لكن السلطات الباكستانية تعمّدت تجاهُل شهادة بذلك.

وأعرب اثنان ممن كانوا في فريق التحقيق في القضية، عن إحباطهما من الطريقة التي تمّ التعاطي بها مع الجريمة.

وقالا لـ بي بي سي، شريطة عدم الكشف عن هويتهما، إن محاولاتٍ جرت لإثبات أن شيخ عمر لم يكن موجودا وقت وقوع الجريمة، رغم الدليل الواضح على أنه منسّق عملية الاختطاف.

وفي أبريل/نيسان 2020، برّأت محكمة عليا في كراتشي ساحة شيخ عمر، وثلاثة رجال آخرين من تهمة قتل الصحفي دانيال بيرل.

وأدانت جماعات حقوقية حُكم المحكمة التي رأت الإبقاء على الرجال قيد الاحتجاز، بينما تقدم عائلة بيرل بطلب طعن على قرار المحكمة.

لكن المحكمة العليا في باكستان رفضت الطعون المقدمة على الحُكم بالبراءة.

مسؤولية الخبر: إن موقع "سيدر نيوز" غير مسؤول عن هذا الخبر شكلاً او مضموناً، وهو يعبّر فقط عن وجهة نظر مصدره أو كاتبه.

مواضيع تهمك

Comments are closed.