أمريكا: تصاعد حدة الخطاب السياسي في اليوم الأخير قبل الانتخابات النصفية
دخلت الحملات الانتخابية للانتخابات النصفية في الولايات المتحدة يومها المحموم الأخير، وذلك في سباق تعد نتيجته حكما على أداء الرئيس دونالد ترامب في السنتين الأولتين لولايته.
ويأمل الديمقراطيون المعارضون في بسط هيمنتهم مجددا على مجلس النواب، بينما يسعى الجمهوريون إلى احكام قبضتهم على مجلس الشيوخ.
ومن المتوقع أن تكون نسبة المشاركة في الانتخابات مرتفعة، خصوصا وأن أكثر من 34 مليونا من الناخبين قد أدلوا بأصواتهم مبكرا بالفعل.
وكان ترامب والرئيس السابق باراك أوباما قد حثوا مؤيديهما على المشاركة في التصويت في تجمعات جماهيرية حضراها يوم الأحد.
فقد قال ترامب لجمع من أنصاره في بلدة ماكون بولاية جورجيا الجنوبية، “عليكم الذهاب إلى مراكز الإقتراع يوم الثلاثاء وعليكم الإدلاء بأصواتكم، فالفارق في هذه الإنتخابات (بين الحزبين) لا يمكن أن يكون أكثر وضوحا.”
وفي الأيام القليلة الماضية، صعد ترامب من حدة خطابه فيما يخص مواضيع شتى منها الهجرة، إذ اتهم الديمقراطيين في كلمة ألقاها في تجمع أقيم في ولاية تنسي بمحاولة “محو حدود الولايات المتحدة.”
من جانبه، حث الرئيس السابق أوباما الأمريكيين على تجنب الاستسلام للعدائية والفرقة.
إذ قال أوباما في تجمع انتخابي حضره في مدينة ميامي بولاية فلوريدا، “شهدنا محاولات متكررة لاثارة الفرقة بيننا عن طريق الترويج لخطاب سياسي الغرض منه اغضابنا واخافتنا. ولكن بعد أيام أربعة، يا فلوريدا، بامكانك وضع حد لهذا الشكل من التصرف.”
ومن المقرر أن يواصل ترامب ترويجه لمرشحي حزبه في ولايتي أوهايو وإنديانا يوم الإثنين قبل أن يختتم حملته في ولاية ميزوري.
لماذا يبدي الناخبون هذه الدرجة من الحماس؟
ما زال موضوع الهجرة والمهاجرين يمثل عنوانا ساخنا سعى الحزبان المتنافسان إلى استغلاله لمصلحتيهما.
فالديمقراطيون يعتقدون إن خطاب ترامب المتشدد سيساعدهم في اجتذاب تأييد الناخبين الشباب وسكان الضواحي المعتدلين والأقليات وحثهم على التوجه الى مراكز الاقتراع.
أما الجمهوريون، فيعتمدون على أن ينجح الموقف المتشدد الذي يعتمده ترامب في اقناع المحافظين على المشاركة في التصويت، خصوصا وأن الكثير من هؤلاء يعتقدون بأن الديمقراطيين يتعاطفون مع المهاجرين غير الشرعيين أكثر من تعاطفهم مع المواطنين الأمريكيين.
وكان قرار ترامب الذي أعلن عنه مؤخرا بارسال 5 آلاف من العسكريين الأمريكيين إلى منطقة الحدود مع المكسيك للوقوف بوجه “قافلة” من المهاجرين قد أدى إلى انقسام حاد في الرأي العام الأمريكي.
كما استنفرت حركة المطالبة بالسيطرة على انتشار الأسلحة – والتي أطلقت في أعقاب الهجوم الذي استهدف مدرسة في بلدة باركلاند في ولاية فلوريدا في شباط / فبراير الماضي – قواها لحث الناخبين على التصويت للديمقراطيين.
ويعد موضوع العناية الصحية والطبية من المواضيع التي يهتم بها الناخب الأمريكي بشكل كبير، خصوصا وأن الجمهوريين ما لبثوا يحاولون – دون نجاح يذكر إلى الآن – إلغاء قانون العناية الصحية غير المكلفة الذي سن في عهد أوباما.
وأضافت أحداث وقعت مؤخرا بعدا نفسيا وعاطفيا للانتخابات الوشيكة.
ففي أواخر شهر تشرين الأول / أكتوبر الماضي، نجحت السلطات المختصة في ضبط عدد من العبوات الناسفة المعنونة إلى شخصيات بارزة في الحزب الديمقراطي وغيرهم من المناوئين المعروفين لترامب.
وبعد أيام، أقدم مسلح على قتل 11 شخصا في هجوم شنه على معبد يهودي في مدينة بيتسبرغ بولاية بنسلفانيا.
دفع هذان الحادثان منتقدي ترامب إلى القاء اللوم على الرئيس للدور الذي لعبه في خلق جو مشحون مكّن المهاجمين من الاعتقاد أن بامكانهم اقتراف جرائمهم.
ماذا عن نسبة المشاركة؟
نسبة المشاركة في الانتخابات النصفية في الولايات المتحدة منخفضة عادة، فلم يشارك في هذه الانتخابات عندما أجريت للمرة الأخيرة في عام 2014 إلا 37 بالمئة من الناخبين المسجلين – وهو رقم قياسي في انخفاضه منذ الحرب العالمية الثانية.
ولكن ثمة محللين يقولون إنه من المرجح أن تشهد انتخابات الثلاثاء ارتفاعا ملحوظا، لاسيما وأن الناخبين من الجانبين يحملون مشاعر قوية تجاه مواضيع شتى متنافس عليها كالعناية الصحية والهجرة.
ويقول مسؤولون انتخابيون إن 34,3 مليونا من الناخبين أدلوا بأصواتهم فعلا، وإن هذا الرقم قد يكون أعلى، وذلك حسب ما ذكره مشروع الانتخابات الأمريكي التابع لجامعة فلوريدا. يذكر أن عدد الناخبين في انتخابات 2014 لم يتجاوز 27,5 مليون ناخب.
ففي ولاية تكساس تجاوز عدد الناخبين الذين أدلوا بأصواتهم مبكرا العدد الكلي للمشاركين في انتخابات 2014.
وتبذل جهود حثيثة في كافة أرجاء البلاد لحث الناخبين على الإدلاء بأصواتهم، فقد قررت 150 شركة كبرى تقريبا المشاركة في حملة تدعو إلى هذا الغرض (يطلق عليها اسم حملة Make Time to Vote) ومن هذه الشركات وولمارت وليفي ستراوس وبايبال.
ووافقت الشركات المشاركة في هذه الحملة على اعطاء العاملين فيها اجازات مدفوعة الأجر لتمكينهم من الإدلاء بأصواتهم.
وسيصوت الأمريكيون لانتخاب اعضاء مجلسي الكونغرس علاوة على حكام عدد من الولايات.
وأعلنت شركتا ليفت وأوبر لسيارات الأجرة عن استعدادها لتقاضي أجور مخفضة للناخبين المتوجهين إلى مراكز الإقتراع.
ما الذي قد تغيره الانتخابات النصفية؟
سيختار الناخبون الأمريكيون يوم الثلاثاء كل النواب الـ 435 الذين يكونون مجلس النواب، إضافة إلى 35 من شاغلي مقاعد مجلس الشيوخ.
كما سيختارون 36 من حكام ولايات البلاد الـ 50. وفي ولايتي فلوريدا وجورجيا، يطمح مرشحان ديمقراطيان إلى أن يصبحا أول الأفارقة الأمريكيين الذين ينتخبون حاكمين للولايتين.
ويشعر الديمقراطيون بالثقة بقدرتهم في تغيير الأغلبية التي يتمتع بها الجمهوريون في مجلس النواب، ولكن الاقتصاد المزدهر حاليا قد يعمل في صالح الجمهوريين.
ولكن بالنسبة لمجلس الشيوخ، فإن معظم المقاعد التي يجري التنافس عليها يحتلها حاليا ديمقراطيون، ويعتبر بعض هذه المقاعد معرضة للخسارة خصوصا تلك التي تعود لولايات فاز بها ترامب في انتخابات الرئاسة في عام 2016.
ولذا فإنه من الممكن أن بعزز الجمهوريون قبضتهم على مجلس الشيوخ.
ولكن حتى خسارة مجلس النواب فقط ستعتبر صفعة لترامب، إذ سيجعل ذلك من الممكن عرقلة عمله في سن القوانين أو حتى إيقاف عمل الحكومة بشكل كلي.
—————————————————–
يمكنكم استلام إشعارات بأهم الموضوعات بعد تحميل أحدث نسخة من تطبيق بي بي سي عربي على هاتفكم المحمول.
Comments are closed.