إثيوبيا قد تشهد “نشوب صراع مسلح” بسبب الانتخابات

الجبهة الشعبية لتحرير تيغراي تعهدت بالمضي قدماً في إجراء الانتخابات المحلية

AFP

الجبهة الشعبية لتحرير تيغراي تعهدت بالمضي قدماً في إجراء الانتخابات المحلية

حذرت مجموعة الأزمات الدولية من تزايد مخاطر نشوب صراع مسلح بسبب الخلاف على موضوع إجراء الانتخابات بين الحكومة الإثيوبية والسلطات المحلية في منطقة تيغراي الواقعة شمالي البلاد.

ففي بحث إحاطة جديد، حثت المؤسسة كلا الطرفين على إعادة التفكير في موقفيهما.

وقد تحدى المسؤولون في تيغراي الحكومة الاتحادية من خلال التعهد بالمضي قدماً في إجراء الانتخابات الإقليمية الشهر القادم.

وكان من المقرر إجراء الانتخابات العامة في إثيوبيا هذا الشهر لكنها أُجلت إلى أجل غير معلوم، وذلك بسبب انتشار فيروس كورونا، والاضطرابات السياسية التي أشعل فتيلها مقتل هاشالو هونديسا، المغني الشهير من منطقة أوروميا.

لكن من هو هاشالو هونديسا؟

ولد هونديسا في العام 1986 في مدينة أمبو التي تبعد 100 كيلومتر عن العاصمة أديس أبابا وتقع إلى الغرب منها. وترعرع في عائلة تضم من الأبناء ثمانية وكان يعتني بالماشية في مزرعة تتبع العائلة.

كانت مدينة أمبو في طليعة الحملة التي خاضتها عرقية الأورومو، وهي العرقية الكبرى في البلاد، من أجل الحكم الذاتي في دولة شعر فيها الأورومو بأنهم مضطهدون من حكومة حظرت الجماعات المعارضة وأودعت السجن كل منتقديها.

وكان والد هونديسا، الذي عمل في دائرة الكهرباء بمدينة أمبو، يطمح بأن يصبح ابنه طبيباً، لكن الابن الشاب لم يظهر أي اهتمام بالطب. بل أظهر منذ صغره ولعاً بالموسيقى والغناء بتشجيع من والدته.

وسجن في العام 2003 لمدة خمس سنوات، وهي الفترة التي ساعدته على صقل موهبته الغنائية والموسيقية وعلى تعزيز وعيه السياسي والتاريخي.

وبعد خروجه من السجن تحول الرجل إلى أحد أبرز نجوم الموسيقى والغناء في إثيوبيا بأغانيه التي تحدثت عن الحب والحرية السياسية. وقال في مقابلة مع خدمة أفان أورومو من بي بي سي في 2017: ” اعتدت على غناء أي شيء يخطر على بالي.”

وتحولت أغاني هاشالو هونديسا إلى أناشيد للحركة الاحتجاجية التي برزت في العام 2015 للمطالبة بإنهاء تشريد الأورومو.

ثم تدحرجت الاحتجاجات من منطقة لأخرى مثل كرة الثلج لتتحول إلى حملة تطالب بمزيد من الحريات السياسية وتوجت بتولي آبي أحمد منصب رئيس الوزراء كأول شخص من عرقية الأورومو يتسلم هذا المنصب في العام 2018 بوعد منه بإطلاق سراح جميع المعتقلين السياسيين ورفع الحظر عن الأحزاب السياسية وإجراء انتخابات ديمقراطية. وهي وعود يرى كثيرون بأنها لم تتحقق.

مدينة أمبو

في ظل حكم رئيس الوزراء الإثيوبي والفائز بجائزة نوبل للسلام أبي أحمد، تحولت مدينة أمبو من رمز للحرية إلى رمز للاضطهاد، مع محاولة قوات الأمن كبح تنامي الجماعات المعارضة والمتمردة الملهمة عرقياً والتي تهدد رؤيته الخاصة بـ “توحيد الشعب”.

وكانت مدينة أمبو في مركز الاحتجاجات التي جلبت أبي إلى السلطة في 2018 بوعد منه على إنهاء عقود من الحكم الاستبدادي في دولة تضم أكثر من 100 مليون نسمة ينتمون إلى 80 جماعة عرقية على الأٌقل.

غير أن معظم سكان أمبو هم من عرقية الأورومو، وكان الدافع للاحتجاجات هو الغضب لدى هؤلاء من تهميشهم وإبعادهم عن السلطتين السياسية والاقتصادية رغم انهم يمثلون العرقية الأكبر في البلاد.

واعترافاً بدور أمبو في إحداث التغيير، قام أبي بزيارة المدينة خلال أيام من توليه مهام منصبه رئيساً للوزراء وقال أمام حشد كبير من مستقبليه: “أمبو هي المكان الذي سنبني فيه تمثال الحرية الخاص بنا، أي ستكون نيويورك الخاصة بنا.”

لكن هذه الصورة الوردية التي رسمها أبي أحمد تغيرت عقب الاحتجاجات التي اندلعت على مقتل المغني والناشط السياسي هاشالو هونديسا في أواخر شهر يونيو/ حزيران الماضي.

الانقسام العرقي

بوجود قرابة 2.5 مليون نازح بسبب العنف العرقي والانقسامات العميقة داخل الائتلاف الحاكم في البلاد، يبدو أن موقف أبي ضعيف جداً. وهو إلى حد ما ضحية حماسته الإصلاحية ذاتها.

وتتألف إثيوبيا من تسع مناطق عرقية تتمتع بالحكم الذاتي. والمشاعر القومية العرقية ظلت مقموعة بقوة في ظل نظام الديرغ الماركسي وفي ظل العقدين من حكم الجبهة الشعبية الديمقراطية الثورية الإثيوبية. وأدى فتح الفضاء السياسي خلال عهد أبي إلى رفع الغطاء عن التوترات العرقية.

كما أن نظام الاتحادية العرقية الإثيوبي سيظل دائماً عرضة لسيطرة السياسيين الذين يلعبون على المشاعر الرجعية.

وأدت السرعة التي حاول فيها أبي فرض إصلاحاته السياسية إلى زعزعة استقرار التحالف الحاكم المؤلف من أربعة أحزاب. فهناك شعور قوي بالعداء في أوساط أبناء تيغراي الذين يشكلون ما نسبته 6 في المئة فقط من تعداد السكان لكنهم كانوا يهيمنون على الحكومة في السابق.

وتجربة إثيوبيا تحت حكم أبي تؤكد الحقيقة البديهية القديمة التي تقول إن أضعف اللحظات لأي دولة استبدادية هي عندما تبدأ بعملية الإصلاح. فالعداء العرقي في ظل الديكتاتورية لا يختفي وإنما يختبئ تحت الأرض.

مسؤولية الخبر: إن موقع "سيدر نيوز" غير مسؤول عن هذا الخبر شكلاً او مضموناً، وهو يعبّر فقط عن وجهة نظر مصدره أو كاتبه.

مواضيع تهمك

Comments are closed.