لبنان: إلى أين سيفضي غضب الشارع المتصاعد ضد الطبقة السياسية؟

غضب متصاعد في الشارع اللبناني

Getty Imagesغضب متصاعد في الشارع اللبناني

“ذهبت الصدمة وحل الغضب” ربما يجسد هذا العنوان، الذي عنونت به وكالة رويترز للأنباء، أحد تقاريرها، الوضع الحالي للشارع اللبناني الذي يعمه الغضب ضد الطبقة السياسية الحاكمة .

يوم الحساب

وكان يوم السبت الثامن من آب/أغسطس، علامة فارقة في هذا الغضب المتصاعد، إذ أعلنه المحتجون على الحكومة اللبنانية “يوم الحساب”، على خلفية الانفجار المروع، الذي ضرب العاصمة بيروت يوم الثلاثاء الماضي وأسفر عن مقتل مايقارب المئتين وجرح الآلاف، وعلق المتظاهرون خلال احتجاجاتهم، التي تخللتها أحداث عنف،المشانق الافتراضية لكافة الساسة اللبنانيين في بيروت.

وفي مشهد آخر، اقتحمت مجموعة من المتظاهرين، بينهم عسكريون متقاعدون، مقرّ وزارة الخارجية، في محلة الأشرفية شرق بيروت، حيث أعلنوه “مقرا للثورة”، وقال المتحدث باسمهم العميد المتقاعد سامي رماح للصحافيين في بيان له: “من مقر وزارة الخارجية الذي اتخذناه مقراً للثورة، نطلق النداء إلى الشعب اللبناني المقهور للنزول إلى الساحات والمطالبة بمحاكمة كل الفاسدين”.

وفي الوقت الذي تنبأ فيه كثير من المحللين، بأن الغضب الذي يشهده الشارع اللبناني هذه المرة، ربما يكون وقودا طويل الأمد، لاستمرار حراك قوي ومتواصل، لايغادر الشوارع كما حدث في مناسبات سابقة، انصرف آخرون، إلى التنبؤ بما قد يفضي إليه هذا الحراك، وطرحوا عدة توقعات، منها أن يؤدي إلى تغيير حقيقي في النظام السياسي، الذي يحكم لبنان، وهو احتمال ينقسم من يتوقعونه، بين متفائل ومتشائم، ومنها أيضا أن يؤدي إلى إنفلات في حالة العنف يخشى متشائمون من أن تعيد البلاد إلى سيناريو الحرب الأهلية الكريه.

احتمالات التغيير السياسي

في غمرة المواجهات المندلعة في بيروت، نهار السبت الثامن من آب/أغسطس،بين المتظاهرين وقوات الأمن، خرج رئيس الوزراء اللبناني حسان دياب، ليطرح دعوة لإجراء انتخابات نيابية مبكرة، لنزع فتيل الأزمة السياسية المتفاقمة، وقال دياب “بواقعية لا يمكن الخروج من أزمة البلد البنيوية، إلا بإجراء انتخابات نيابية مبكرة لإنتاج طبقة سياسية جديدة، ومجلس نيابي جديد”.

هذا ماطرحه رئيس الوزراء اللبناني، في محاولة لتهدئة الناس عبر التبشير بتغيير سياسي، يطالب به جل اللبنانيين حاليا، غير أن الرجل لم يدخل في تفاصيل ذلك التغيير، وكيف سيتم؟، في وقت قال فيه ناشطون يقودون الحراك في الشارع، إن مايقوله دياب هو محاولة لتمرير موقف صعب، عبر إعطاء وعود بانتخابات مبكرة، طارحين تساؤلات حول الأسس التي ستجري عليها تلك الانتخابات .

ويتساءل هؤلاء النشطاء ،عما إذا كانت تلك الانتخابات التي يتحدث عنها دياب، ستجري وفق نفس الأسس، التي تحكم الحياة السياسية اللبنانية حاليا، لافتين إلى أنها في تلك الحالة، ستفرز نفس الطبقة السياسية، في وقت يرون فيه أن ما يحتاجه لبنان حاليا، من أجل تغيير حقيقي هو حكومة انتقالية تجري تغييرات، في قانون الانتخابات المعمول به، قبل الشروع في إجراء انتخابات جديدة.

مطلب قديم

وكان حراك الشارع اللبناني، في 17 تشرين الأول/أكتوبر عام 2019 والذي استهدف السلطة الحاكمة برمتها، قد طالب باسقاط هذه السلطة وإعادة انتاج سلطة جديدة، متهما إياها، بأنها أوصلت الدولة إلى الإفلاس، والمواطن إلى الذل والجوع، ومطالبا بتكوين سلطة جديدة عبر انتخاب مجلس نيابي جديد.

وانطلقت دعوات في ذلك الوقت، من قبل نشطاء لبنانيين، لاعتماد نظام انتخابي جديد، يسمي لبنان بكامله كدائرة انتخابية واحدة، عوضا عن النظام المعمول به حاليا، والذي يعتمد نظام المحاصصة الطائفية، واعتبر هؤلاء أن نظاما من هذا القبيل، كفيل بتعزيز الدولة المدنية التي تستند إلى حقوق المواطنة، بعيدا عن الطائفة والمذهب، ويعتمد النظام الانتخابي المعمول به في لبنان حاليا، والذي جرت بموجبه انتخابات عام 2018، على النظام النسبي والصوت التفضيلي ويقسم لبنان الى 15 دائرة انتخابية.

غير أنه وفي الوقت الذي يعتبر فيه المتفائلون، بأن إجراء تغيير سياسي، من قبيل الانتخابات المبكرة، سواء بسن قانون انتخابي جديد، أو عبر تعديل القانون القائم حاليا، ربما يمثل مخرجا جيدا للأزمة التي يمر بها لبنان حاليا، فإن متشائمين يرون استحالة إجراء تغيير جوهري يطال بنية النظام السياسي القائم حاليا.

ويرد هؤلاء المتشائمين ذلك، إلى حالة الاستقطاب الحاد التي تشهدها المنطقة حاليا، خاصة بين أمريكا وإيران، والتي يعد لبنان جانبا منها، ويرى هؤلاء أن داعمي الحكومة، والطبقة السياسية اللبنانية في الجانبين الأمريكي والإيراني، سيساندون استمرارها بكل ما أوتوا من قوة، وأن أقصى ما قد يسمحوا به هو تغييرات طفيفة بها.

الانزلاق نحو العنف

وبينما يتوقع البعض، أن يسفر غضب الشارع اللبناني المتصاعد، عن تغيير إيجابي، يطال الحياة السياسية اللبنانية، يطرح آخرون توقعات تشاؤمية، إذ يرون أن لبنان يعج بأحوال قابلة للانفجار في كل مكان، خاصة خلال الفترة الأخيرة، في ظل التدهور الاقتصادي وأزمة كورونا، وما تركته على حياة الناس من فقر وبطالة.

وفي ظل تلك البيئة، يخشى هؤلاء من أن يتسع نطاق العنف بين المحتجين، ومؤسسات الدولة اللبنانية، حتى أن البعض يحذر من أن يصل الأمر، إلى احتقان بين الطوائف اللبنانية، بما قد يؤدي إلى العودة لسيناريو الحرب الأهلية الكريه.

وكانت مجموعة الأزمات الدولية، قد حذرت في بيان لها بعد كارثة انفجار بيروت،من تدهور الأوضاع في لبنان، معتبرة أنه “سيكون على حافة انهيار كامل، إذا استمر الغضب الشعبي الذي يمكن أن يؤدي إلى إضرابات وعنف، إذا لم تتخذ السلطات طريق الإصلاح الحقيقي”.

برأيكم

إلى أين سيفضي غضب الشارع المتصاعد ضد الطبقة السياسية في لبنان؟

هل تمثل الانتخابات المبكرة وفق ماطرحه رئيس الوزراء اللبناني حلا للأزمة؟

كيف ترون اعتراض نشطاء لبنانيين على اقتراح اجراء انتخابات مبكرة دون تغيير كامل في قانون الانتخابات؟

هل ترون الطرح بتغيير كامل في الطبقة السياسية اللبنانية طرحا منطقيا؟

ولماذا بات لبنان أسير التجاذبات الاقليمية في نظامه السياسي الداخلي؟

سنناقش معكم هذه المحاور وغيرها في حلقة الاثنين 10 آب/أغسطس من برنامج نقطة حوار في الساعة 16:06 بتوقيت غرينتش.

خطوط الاتصال تفتح قبل نصف ساعة من البرنامج على الرقم 00442038752989.

إن كنتم تريدون المشاركة عن طريق الهاتف يمكنكم إرسال رقم الهاتف عبر الإيميل على nuqtat.hewar@bbc.co.uk

يمكنكم أيضا إرسال أرقام الهواتف إلى صفحتنا على الفيسبوك من خلال رسالة خاصة Message

كما يمكنكم المشاركة بالرأي على الحوارات المنشورة على نفس الصفحة، وعنوانها: https://www.facebook.com/hewarbbc أو عبر تويتر على الوسم @nuqtat_hewar

مسؤولية الخبر: إن موقع "سيدر نيوز" غير مسؤول عن هذا الخبر شكلاً او مضموناً، وهو يعبّر فقط عن وجهة نظر مصدره أو كاتبه.

مواضيع تهمك

Comments are closed.