بنت مكة.. تفلت مواقع التواصل الاجتماعي من عقالها في السعودية

قبل نحو أسبوع أطلقت فتاة سعودية أغنية راب تتغنى بجمال وقوة بنات منطقة مكة. حظيت الأغنية بأكثر من 82 ألف مشاهدة على موقع يوتيوب لكنها جرت على صاحبتها سيلا من الانتقادات اللاذعة وأعات السجال حول ضوابط الذوق العام؟

“خدش للحياء“

” أنا بنت مكة.. أصيلة وعشانها تشقى (تتعب). وقت الشدة ما نتكى (لا تكثر متطلباتنا). يشد بي الظهر، تلاقيني على الدكة ( مقعد مرتفع).. فل وكادي الشعر مسقى”.

تتمدح كلمات هذه الأغنية التي رفعت على موقع يوتيوب في 13 فبراير/شباط، في خصال بنات مكة كالجمال والعلم والكرم.

وصورت الأغنية على طريقة الفيديو كليب. وفي مطلعها، تظهر مغنية محجبة، عرفت نفسها باسم Asayel Slay، في مقهى معظم العاملين فيه من النساء، بحسب ما ذكرته مواقع سعودية.

كما تضمن الفيديو لوحات راقصة يؤديها أولاد وفتيات صغار بأسلوب “بريك دانس”.

ما إن انتشرت هذه الأغنية، حتى فلتت مواقع التواصل الاجتماعي من عقالها، وأفرغ روادها في السعودية جم غضبهم على القائمين على إعدادها.

وعلى الفور، تصدر وسم “#لستن_بنات_مكة”، قوائم الموضوعات الأكثر تداولا على تويتر.

معظم المتفاعلين مع الوسم عبروا عن استيائهم من محتوى ومضمون الأغنية، واعتبروها شكلا من أشكال ” الابتذال الفني والانحطاط اللغوي”.

https://twitter.com/s52016086/status/1230750641905000451

فقد استوقفت كلمة “الدكة” التي رددتها المغنية في مطلع الفيديو، إذ وصفوها بالمستفزة.

وترمز الدكة في اللهجة الحجازية إلى البناء المرتفع الذي يعد للجلوس واستقبال الضيوف.

ويبدو أن المغنية استعانت بهذه الكلمة للإشارة إلى “المنزلة الرفيعة التي وصلت لها بنت مكة مع عملية التحرر التي تشهدها المملكة أخيرا”.

لكن كثيرين اعتبروا الأغنية محاولة لطمس هوية المجتمع الحجازي المحافظ، مؤكدين أن ما تضمنته من لوحات راقصة لا يتناسب مع قداسة المدينة.

وطالبوا بوضع حد لمروجي مثل هذه المقاطع.

https://twitter.com/altamimi14/status/1230505649945169921

ولاقت التماسات المغردين صدى لدى السلطات، إذ وجه أمير منطقة مكة خالد الفيصل بإيقاف المشاركين في العمل. وعلل قراره بأن ” الأغنية تسىء لعادات وتقاليد أهالي مكة، وتتنافى مع هوية وتقاليد أبنائها الرفيعة”.

ونشر حساب “إمارة منطقة مكة” على تويتر توجيهات بإحالة “المنتجين للجهات المختصة للتحقيق معهم وتطبيق العقوبات بحقهم”.

أمير مكة #خالد_الفيصل يوجه بإيقاف المسؤولين عن إنتاج فيديو أغنية الراب ( بنت مكه ) الذي يسيء لعادات وتقاليد أهالي مكة ويتنافى مع هوية وتقاليد أبنائها الرفيعة.
.. تضمن توجيه سموه إحالتهم للجهات المختصه للتحقيق معهم وتطبيق العقوبات بحقهم.#لستن_بنات_مكه pic.twitter.com/zVqggEujfh

— إمارة منطقة مكة المكرمة (@makkahregion) February 20, 2020

إنتي بنت مكة ؟! و أصيلة أيضاً ؟!
شرّف الله مكة عنك وعن أمثالك !
يا جماعة هذا مش انفتاح ! هذا سماجة وقلة حياء ! https://t.co/RiusUpDkR3

— د.فهد العرابي الحارثي (@dr_fahad_harthi) February 21, 2020

لا للعنصرية

لكن الهجوم على منتجي الأغنية وصل حد التجريح بالفتيات السمراوات اللواتي ظهرن في الفيديو.

فقد نعتهم البعض بأوصاف اعتبرت “عنصرية” مثل “بنات الجاليات الأفارقة”. كما نادوا إلى “ضرورة ترحيل جميع المشاركين في العمل”.

وأعادت تلك التعليقات للأذهان مواقف مشابهة قيل إنها تظهر واقع أصحاب البشرة السمراء، من بينها تجاهل أحد مشاهير سناب شات طفلتين في المرحلة الابتدائية، خلال فعالية لتكريم أبناء الجنود القتلى.

في المقابل، انتصر آخرون لمنتجي الأغنية ودعوا إلى الارتقاء في نقد المحتوى وتجنب التعليقات العنصرية.

She’s a badass woman 👌🏽💜
This is so typical for the #Saudi government to do, bring western influencers to artwash the regimes crimes but attack real Saudi women who try to artistically express their cultural identities. This is racist, sexist & utter bullshit.#بنت_مكه_تمثلني https://t.co/I9IT9Qv4Gr

— Amani Al-Ahmadi | أماني الأحمدي (@amani_aal) February 20, 2020

نعيد ونكرر كل من كان متواجد في هذه الارض قبل التأسيس ثم حصل على الجنسية في عهد المؤسس العظيم رحمه الله هو سعودي الاصل والمنشأ سواءً كان قبلي او لا
يجب ان تفرق يامتخلف بين الارض والعرق والتاريخ وبين المواطنة والدولة
السعودية دولة وليست عالمك البدائي .#بنت_مكه_تمثلني

— Abdulrahman bin jumah (@ajumah91) February 21, 2020

من يضبط الذوق العام؟

ولا يتفق الجميع حول مفهوم الذوق العام واحترام العادات، بل أن هناك من استنكر توجيهات إمارة مكة الأخيرة بإيقاف معدي الفيديو.

ويرى المدافعون عن الأغنية أن تلك توجيهات تتناقض مع التوجه الذي تتبعه المملكة وتتعارض مع رؤية 2030.

وفي هذا السياق، غردت إحداهن:” يبدو أن معدي الأغنية أرادوا ركوب الترند (تحقيق مشاهدات) فأغنيتهم ذات مدلول فارغ. لكن رغم ذلك أرفض محاسبتهم، فلا أراها بذيئة أو إباحية. ثم كيف تنصبون أنفسكم أوصياء على الذوق العام ومن يحمي العادات؟” .

في حين استشهد مغرد آخر بالمادة السادسة من نظام مكافحة جرائم الإلكترونية التي تنص على “معاقبة كل شخص يرسل أو ينشر مادة من شأنها المساس بالنظام العام أو القيم الدينية أو الآداب العامة عبر شبكة الإنترنت، بالسجن مدة لا تزيد عن خمس سنوات وغرامة لا تزيد عن 3 ملايين ريال سعودي”.

ويؤمن الكثير من المعلقين السعوديين، بأن الانترنت أسست لجيل جديد في السعودية لا يقبل الوصاية، وله شعاراته وأساليبه في التعبير عن ذاته بطرق مختلفة عمن سبقه.

لذا يدعون المؤسسات الحكومية إلى “بذل المزيد من الجهود إلى ردم الهوة بينها وبين الشباب، بدلاً من اللجوء إلى آليات قمعية لتطويقهم، وفرض نمط حياة قديم عليهم”، على حد وصفهم.

https://twitter.com/Occult5A/status/1230572203709804547

كما ذكر بأغاني راب أخرى تم تصويرها في شوارع مكة، قبل سنوات.

عادي يدفعون لـ نيكي ميناج عشان تجي تغني ويشترون تذاكرها بالآلاف، بس اذا غنت بنت وعبرت عن نفسها وشخصيتها وموطنها! قامت الدنيا، شر البلية مايُضحك. #بنت_مكه_تمثلني

— Raghad (@Rlxlll3) February 20, 2020

https://twitter.com/MiSsF0f069/status/1230623516036390913

واستضافت السعودية في السنوات الأخيرة حفلات فنية عدة ضمن خطة إصلاح يقودها ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان بهدف تغيير صورة المملكة في الخارج كبلد منغلق.

و نتج عن هذا الإصلاح بروز قطاع الترفيه الذي يعول عليه ولي العهد الشاب في رؤيته المستقبلية للمملكة وهي رؤية 2030 لخلق وظائف وتقليل اعتماد المملكة على النفط وتطوير المجتمع السعودي دون الخروج عن تقاليده.