الحرب في سوريا: زعماء محليون في قمة سلام سرية في برلين

صورة من الاجتماع

BBCعدد كبير من المشاركين يخاطر بحياته بحضور هذه القمة

اجتمع عدد من القادة المحليين السوريين في برلين هذا الأسبوع، لبحث الانقسام الطائفي الذي يشتت بلادهم.

ويعد هذا اللقاء أحد أشكال دبلوماسية الظل، بعيدا عن الضغط السياسي وأضواء الإعلام، في محاولة لبحث سبل السلام.

وضم الاجتماع مختلف رموز الطيف السوري‘ فترى شيوخ القبائل السنية، وبعضهم له مجموعات مسلحة خاصة به، وكبار الطائفة العلوية من ذوي الصلة الوثيقة بنظام الرئيس بشار الأسد. أو أحد القادة الأكراد الأيزيديين يجلس جنبا إلى جنب مع السفير السوري السابق للمملكة المتحدة.

وتجمع حول طاولة الاجتماع أكثر من عشرين من ممثلي العائلات الكبرى والعشائر والمجتمعات المحلية، وبتمثيل لكل الأديان من المسيحيين والأكراد والدروز والسنة والعلويين.

رجل يتفقد سيارة مفجرة في 15 يناير/كانون الثانيGetty Imagesنزح حوالي 350 ألف سوري منذ أوائل ديسمبر/كانون الأول الماضي بعد تجدد قصف نظام الأسد للمعارضة المسلحة في إدلب

وقد جاء المشاركون الذين يمثلون قادة المجتمع المحلي السوري ليدحضوا وجهة النظر التي تروج لها حكومة الأسد والمعارضة المسلحة عن أنه لا يمكن تجاوز الانقسامات العرقية والدينية.

ويعد الكثير من هؤلاء القادة من المقربين للحكومة السورية، وقد وفدوا إلى برلين من دمشق مباشرة، لكنهم لا يدعمون الحكومة بالضرورة.

وينحدر آخرون من مجتمعات محلية تعاني تحت نظام بشار الأسد، لكنهم لا يدعمون المعارضة المسلحة كذلك. ونزح بعضهم بفعل الحرب إلى ألمانيا، وهؤلاء هم الغالبية الصامتة التي تريد السلام فقط.

وترى فئة النازحين أنها تمثل حوالي 70 في المئة من المجتمع السوري، وهم من “الذين لا يأخذون صف المعارضة المسلحة أو النظام أو أي من الفرقاء في الحرب الدائرة في البلاد”، على حد وصف دانيال غيرلاش، محلل شؤون الشرق الأوسط الذي ساعد السوريين المقيمين في ألمانيا على تنظيم هذه الاجتماع.

لِمَ برلين؟

أقيمت هذه الاجتماعات في ألمانيا لأنها تعد دولة محايدة إلى حد كبير. كما أن أعداد السوريين الوافدين إليها خلقت جالية ألمانية كبيرة. ونُظمت هذه القمة بدعم مادي من كبار المتبرعين والحكومات الأوروبية.

وفي فترة الاستراحة، تبادل السوريون الأحاديث والضحك والقهوة والسجائر.

هواتف في سلةBBCالإجراءات الأمنية المحكمة تفرض على المشاركين ترك هواتفهم على الأبواب

وعلى الرغم من الأجواء المتحابة والمرحة، إلا أن عدد من المشاركين يخاطر بحياته بحضوره هذا الاجتماع في ألمانيا، فالتواصل مع مجتمعات أخرى قد يعد خيانة في عرف حكومة الأسد أو المعارضة المسلحة.

وسافر بعضهم إلى برلين وشارك في هذه الاجتماعات سرا،تاركين هواتفهم المحمولة على الباب.

وليس ثمة أحد في القاعة لم يشهد فقدان صديق أو قريب أو أفراد من المجتمع الأهلي الذي يعيش فيه، جراء الحرب.

"لم نعد نريد الحرب في سوريا. تزيد خسارتنا طالما يستمر القتال", Source: الشيخ أمير الدندل, Source description: شيخ إحدى القبائل السنية, Image: Sheik Amir al-Dandal

ومن بين الحضور الشيخ أمير الدندل، شيخ قبيلة سنية كبيرة على الحدود السورية مع العراق، والذي فقد أخيه بسبب الحرب.

وعندما سألته كيف يمكنه التحدث إلى أطراف الصراع الآخرين قال: “الكل خاسر، لذا علينا التغلب على جراحنا. فاستمرار الصراع يعني ببساطة المزيد من الخسارة”.

تعهدات جديدة

في نوفمبر/تشرين الثاني 2017، وقع مؤسسو المجموعة المنظمة للاجتماع ميثاقا للسلام، أطلقوا عليه اسم “قواعد التعايش السوري”، والذي يحتوي على مبادئ يمكن لكل أطياف المجتمع السوري الاتفاق عليها.

ومن بين هذه القواعد إعلان الالتزام بالمساواة بين جميع السوريين، بغض النظر عن العرق أو الانتماء الديني.

  • العملية التركية في سوريا: ما هي “المناطق الآمنة وهل ينجح تطبيقها؟
  • نص البيان التركي-الأمريكي بخصوص شمال شرق سوريا
  • وجهة نظر: هل ستكون سوريا بداية نهاية ترامب؟

ومنذ إعلان الميثاق تزايدت أعداد قادة المجتمعات السورية الموقعين على هذا الميثاق، وعملوا على استغلال شبكات علاقاتهم وتأثيرهم ومواقع التواصل الاجتماعي لنشر هذه التعهدات مع مجتمعاتهم.

عبدالله روفائيلBBCعبدالله روفائيل من حمص يقارن الوثيقة الحالية بأخرى وقعها جده بعد الحرب العالمية الأولى

وبعد نقاش حاد، وقع المشاركون على ميثاق جديد يوم الأربعاء، تعهدوا فيه بعدم تحميل المجتمعات المحلية مسؤولية الجرائم التي يرتكبها أفراد ينتمون لدينهم أو أسرتهم أو عرقهم. والهدف هو منع أن يكون الانتقام موجها ضد جماعة بعينها.

ويُحمّل الناس مسؤولية جرائمهم وتجاوزاتهم بشكل فردي. لكن أقاربهم، وأفراد مجتمعاتهم أو المنتمين لنفس العرق لن يكونوا عرضة للاستهداف أو الانتقام أو تحميل المسؤولية.

ويقول عبدالله روفائيل، وهو مسيحي من حمص، إنه “عندما وقعنا على الوثيقة الأولى، انتقدنا الناس، وكانوا خائفين”. ويقارن هذه الوثيقة بأخرى وقعها جده في بعد الحرب العالمية الأولى التي جلبت الاستقلال لسوريا في القرن العشرين.

ويضيف: “لكن اليوم أصبح لهذه الوثيقة قبول واسع في المجتمع السوري. ويعتمد الناس عليها للمساعدة في تحقيق الوحدة مجددا بعد هذه الحرب الشرسة”.

مسؤولية الخبر: إن موقع "سيدر نيوز" غير مسؤول عن هذا الخبر شكلاً او مضموناً، وهو يعبّر فقط عن وجهة نظر مصدره أو كاتبه.

مواضيع تهمك

Comments are closed.