دريد لحام: كنت في “الحزب السوري القومي الاجتماعي” رفيقاً وعضواً منتظماً

في حوار مع “شجون عربية” أجرته فاطمة الموسى في مكتبه بدمشق قال الفنان دريد لحام انه كان عضو في الحزب القومي واليكم الحوار:

*بداية حدثنا عن طفولتك وشبابك بين الشام وبلدة مشغرة اللبنانية كيف قضيتها؟
كان السكن الرئيسي لنا في الشام، نذهب إلى مشغرة في الصيف لنقضي عطلة شهر أو شهرين بين كروم العنب والتين وقطف التفاح وتعريبه، أي فصل الحبة الكبيرة عن الصغيرة عن الوسط وهكذا. كانت أهم الأشياء في فترة الطفولة. وأما عن أصدقائي كانوا من الأقرباء أبناء الخالة والخال طبعاُ مع الأيام كل منا أصبح في مجال مختلف وله طريقه، في الطفولة كانت أكبر الاهتمامات المساعدة في القطاف في الكروم ومع مرور الأيام تغيرت الاهتمامات، أصبحت اهتماماتنا مختلفة مثلاُ باتجاه الموسيقى وأمور أخرى.

*ماذا تعني لك سوريا قبل الأزمة التي مرت بها وخلالها والآن بعد أن بدأت تتعافى؟
-أنا دائماً أتحدث عن سوريا فأقول الوطن أم، والأم وطن سوريا هي أمي بالتأكيد من ليس لديه وطن فهو يتيم، سوريا كانت والآن وستبقى هي أمي. عندما تمرض الأم أو يحدث لها عارض صحي لا نتركها ونذهب لنبحث عن أم أخرى؛ بل نبقى إلى جانبها ونحن الآن إلى جانب سوريا الأم إلى أن تتعافى من هذه المحنة التي شاركت فيها دول كنا نظنها شقيقة.
وأما بعد هذه الازمة أهم ما يجب أن نقوم به هو أن نؤكد على مسألة السلام الاجتماعي، هناك حرب وسلام وما بينهما يوجد السلام الاجتماعي هو ما يجعل المجتمع قوياً ويجعله يتحمل أي تداعيات لأي مشكلة، لأي مصيبة، لأي حرب. إذا كان هذا المجتمع يتمتع بالسلم الاجتماعي وهو قبول الآخر والعيش المشترك، والمجتمع الذي لا يوجد فيه أي طائفية وأي مذهبية هذا هو السلم الاجتماعي. سوريا كانت قبل الأزمة أي قبل هذه الحرب الكونية تتمتع بهذا السلام الاجتماعي.
ومن هنا أعود إلى أربعينات القرن الماضي، سوريا كانت معروفة أن غالبية سكانها من المسلمين ومع ذلك كان رئيس الوزراء مسيحياً وهو فارس الخوري، ومع ذلك كان هناك قبول لهذا الموضوع لأنه قبل أن يكون مسيحياً كان سورياً فهذا يدل على السلام الاجتماعي في ذلك الوقت.
وأيضاً عندما أتى وفد إلى المفتي الراحل أحمد كفتارو رحمه الله فكان في ذاك الوقت عدد سكان سوريا حوالى عشرين مليون، وهو وفد من أوروبا سألوه ما عدد المسيحين في سوريا فقال لهم: عشرين مليون قالوا إذاً ما عدد المسلمين؟ فقال عشرين مليوناً أيضاً. هذا ما أقصده بالسلام الاجتماعي الذي يجعل المجتمع متحصناً ضد أي خطر داخلي أو خارجي فعندما تريد أن تدمر مجتمعاً تدمر سلامه الاجتماعي.

*من المعلوم أنك بلا انتماء سياسي بالمعنى الحزبي ولكن يقال إنك كنت توزع مناشير للحزب السوري القومي الاجتماعي في الخمسينيات في مدينة داريا هل هي فورة شباب أم انتماء وموقف سياسي وفكري؟

-لا.. كنت رفيقاً في الحزب، طالباً في الجامعة وعضواً منتظماً في الحزب السوري القومي الاجتماعي. فكانت تلك الفترة انتماء فكرياً كاملاً، كانت بيئتي وأهلي ومن حولي أكثرهم قوميين ولكن انتميت إلى الحزب ليس لأن أهلي أو أخي في الحزب، بل لأنني قرأت وفهمت. ويكفي أن الزعيم أنطون سعادة قال: “كلنا مسلمون لرب العالمين منا من أسلم بالقرآن ومنا من أسلم بالإنجيل ومنا من أسلم بالحكمة”. هذا تتويج لمسألة السلام الاجتماعي الذي تكلمت عنه، لو أنه لم يقل سوى هذه الجملة لكفى. فما أدراك بماذا قال وماذا كتب؟ لهذا السبب كنت منتمياً وكان في ذلك الوقت مرشح للحزب إلى مجلس الشعب، اسمه حنا الأسطواني. في وقتها ذهبنا إلى داريا لأنه كان من هناك لمشاركته بحملته وبالفعل فاز هو في الانتخابات.

*بعيداً عن العواطف ماذا يتكلم دريد لحام عن محمد الماغوط؟
– بالتأكيد محمد الماغوط شريك أنا تعرفت عليه في عام 1973 بشكل شخصي. كنت أقرأ له أقواله ومقالاته السياسية الوطنية التي كان ينشرها في الصحف، ومن ثم جلسنا وناقشنا سوية أسباب هزيمة حرب 1967 ، كانت بعض الأنظمة العربية تقول إنها نكسة، هي ليست نكسة هي هزيمة عملياً، هزيمة بكل معاني الكلمة. فتطابقت أفكارنا بما أعتقده وما كان هو يعتقده بأسباب هذه الهزيمة، وهي أن الجندي السوري أو العربي بشكل عام، عندما ذهب إلى الحرب في فلسطين ذهب وهزيمته معه فعاد بهزيمة كان يحملها في ذلك الوقت. ومن هذا المنطلق اتفقنا أن نعبّر عن هذا الموضوع بعمل مسرحي وفعلاً كانت “ضيعة تشرين” هو هذا العمل. كنا نخرج سوياً كل يوم ونضع طاولة بلاستيك وكرسيين تحت شجرة في الغوطة ونكتب المسرحية حرفاً بحرف وكلمة بكلمة.

*ماذا تعني الأسماء التالية لدريد لحام: منى واصف، نهاد قلعي، رفيق سبيعي، خلدون المالح، عبد اللطيف فتحي، صلاح قصاص؟

*منى واصف سيدة أو ملكة الدراما السورية. نهاد قلعي ذهب وأخذ معه نصف دريد وما بقي هو نصف نهاد ونصف دريد.
رفيق سبيعي فنان الشعب. خلدون المالح رفيق العمر بدأنا سوياً ونجحنا سوياً.
عبد اللطيف فتحي فنان شعبي شامل له تاريخ لا يمكن أن يمحوه التاريخ . صلاح قصاص الحقيقة كان تعاملي معه قليلاً لكن بدون شك كان له حضور خاص وكاريكاتيره خاص جداً يعني لا يمكن لأي أحد أن يكون محل أحد. في بعض الأحيان هناك شخصيات تمثيلية ليس لها بديل صلاح قصاص ليس له بديل.

*بصراحة وأسألك الآن كناقد فني بدأ مع التلفزيون السوري. الأسماء السابقة هي أسماء لم تكن أكاديمية فنياً في رأيك لو وازنا بين كفتي الأسماء السابقة وما أتى بعده إلى الآن ولا سيما خريجي المعهد العالي للفنون المسرحية هل تجد أن الفطرة تغلب التعلم أم العكس؟
معهد الدراما ينمي موهبة موجودة ولكن لا يزرع موهبة غير موجودة. بالتأكيد، الشباب الذين دخلوا معهد الدراما دخلوا لينموا هذه الموهبة التي يملكونها فالمعهد نمى هذه الموهبة وصقلها بالتأكيد.
الجيل السابق كان بالفطرة. لهذا السبب لم يكن أحد منا بداية ممثل أو في الوسط الفني، مثلاً نهاد قلعي كان موظفاً وأنا كنت أستاذ فيزياء وكيمياء. كل واحد منا كان في موقع غير الموقع الفني، بالفطرة دخلنا هذا المجال وأيضاَ جيل الفطرة ما زال حاضراً إلى الآن بقوة.

*أحياناً يشعر المبدع أنه قد قدم ما عنده لدواعٍ عديدة منها العمر مثلاً. هل فرغت جعبة دريد لحام أم نتوقع المزيد؟ وما الذي كان يرغب أن يحققه ولم يحققه على الصعيد الإنساني؟
-أنا ما زلت في بداية الطريق. وهناك المزيد لا يمكن لأحد أن يقول أنا وصلت في كل يوم أرى شيئاً جديداً وأتعلم شيئاً جديداً. لهذا السبب المعرفة لا يمكن أن تنتهي مهما كان العمر.
وكل شيء رغبت أن أحققه حققته وخاصة عندما كنت سفيراً للنوايا الحسنة لليونسيف. حققت الكثير من أجل الطفولة، حتى عندما تركت اليونسيف لم أتوقف عن خدمة الطفولة إطلاقاً في أي مجال من المجالات.
وتركت اليونسيف عندما ذهبت مع عائلتي أي أولادي وأحفادي إلى الجنوب اللبناني، لكي يروا ماذا استطاع حفنة من الشباب الذين آمنوا بالله والوطن أن يفعلوا في جنوب لبنان، استطاع هؤلاء الشباب أن يحدثوا توازناً مع إسرائيل لم تستطع جيوش عربية أن تحققه، حققته حفنة من الشباب، فعندما وقفنا على بوابة فاطمة تحديداُ فسألني الإعلام الموجود هناك عن مسألة المقاومة؛ فقلت: أنا أفخر أنني صديق للمقاومة وإذا جورج بوش يعتبر المقاومة إرهاباً فليسجلني على قوائم الإرهاب، الأمر هذا أخذ تداعيات وصلت الى إسرائيل فنشرت صحيفة يديعوت احرونوت الإسرائيلية أن اليونسيف تضع سفيراً يدعم الاهاب طبعاً في رأيهم مقاومة الاحتلال هي إرهاب.

اليونسيف أرسلت مندوباً إلى بيتي ليتحققوا من هذا الكلام أنا فهمت الهدف من هذا السؤال، فقلت لهم: من الآخر من غير نقاش إذا كنتم تريدون أن اختار بين موقفي الوطني وبين جواز السفر الدبلوماسي الذي معي فأنا اختار وطني وفي النهاية أنا سعيد جداً أني كنت مزعجاً لإسرائيل.

*وعن المسرحيات نلاحظ أنك مثلت في مسرحيات لمؤلفين سوريين فقط؟
-لم أفكر بتمثيل لمسرحيات شكسبير أو موليير، أفضل أن يشارك الممثل في مسرحيات من رحم وطنه لأنها تشبهه فمن مسرحية “ضيعة تشرين” إلى “غربة” و”كاسك يا وطن” كانت كل مسرحية تبقى على المسرح ستة أشهر متواصلة لأنها تشبه الناس.

*ماذا بقي من طموح دريد لحام؟
-أطمح أن أحقق ما لم أحققه وعندما تسأليني ما الذي لم تحققه أقول لك لا أعلم.

مسؤولية الخبر: إن موقع "سيدر نيوز" غير مسؤول عن هذا الخبر شكلاً او مضموناً، وهو يعبّر فقط عن وجهة نظر مصدره أو كاتبه.

مواضيع تهمك

Comments are closed.