جيسي عبدو الضاحكة على الأحزان: لستُ غاوية شهرة

تعلن جيسي عبدو، عن اقتراب عرض المسلسل الكوميدي «الجار للجار» من بطولتها مع نجوم من سوريا ومصر. يا للمفارقة، وهي تخبر «الشرق الأوسط» أن الكوميديا بعضٌ من شخصيتها برغم حياة لم تغادرها الأحزان. ثمة بشر لا تفارق الابتسامة وجوههم، لكن البحث في دواخلهم يفضي إلى فسحات من العذاب. جيسي عبدو من هذا الصنف، فقد كبرتها التجارب قبل أوانها، ولقنتها حبس الدمع في غرفتها المغلقة. مع ذلك، تطل على الناس لتُخفف وتُهون. «ما حدا ناقصه»، تقول، مع التأكيد الأليم: «خصوصاً في لبنان!». زحمة مشاريع، بعضها أنهت تصويره وبعضها تستعد له، وزحمة شخصيات. دائماً، بإرادة عصية على الهزيمة.

لنُلخص بعض المعاناة، لا لتظهيرها والدوران حولها، بل للتأكيد على الروح القوية وقدرتها على الانتصار. كانت في طيش المراهقة حين وقعت في الحب. تظن الشابة في بدايات الخفقان، أن السعادة تحوم حول الحبيب، وإلا فشلالات دمع ونهاية حياة. لمح الأهل فيها تهوراً مكلفاً، وحاولت العائلة إقناعها بأثمان التسرع. أرادت بنفسها تجرع الكأس. إلى أن بَرَد الشعور وانقشعت البصيرة على الحقيقة المريرة، فوقع الانفصال.

الحياة صفعة من هنا وهدهدة من هناك. بعد سنوات من الدرس اللئيم، والتأكد من أن الأهل هم وحدهم الذين يحبون بصدق ويجيدون الغفران، فُجعت النجمة المبتسمة للمرارات بخسارة سند العُمر. كان صادماً خبر وفاة والدها بحريق شب في منزله ففحم جثته، وجيسي في الإمارات بعيدة عن هول المأساة. لِمَ الاستعادة الدرامية؟ للقول بأن الممثلة الممزوجة بالوجع، لا تزال تستطيع الإضحاك. انكساراتها عكازاتها للعبور إلى النجاح.

ابتعدت فترة عن الكوميديا، وتعود في «الجار للجار» مع بيومي فؤاد ووسام صباغ وآخرين بين مصر وسوريا. ماذا عن المسلسل المقرر عرضه قريباً عبر «Bein Drama»؟ قبل الجواب، تعلن الوفاء للضحكات. بالنسبة إليها، إن خُيرت بين نص كوميدي وآخر درامي، سارعت إلى الميل للفرح: «الكوميديا أولاً، برغم عشقي للدراما». ثم توجز ملامح المسلسل: «ثلاث عائلات تسكن في مبنى؛ واحدة لبنانية، وأخرى سورية، وثالثة مصرية. لا مكان ولا زمان، فقط مواقف طريفة في داخل كل عائلة، ومع العائلات الثلاث بعضها ببعض، ومع ناطور المبنى، ستمسح تعب الناس».

صورت مسلسلاً سعودياً بعنوان «بعد حين»، والعرض قريب؛ ومسلسل سعودي آخر من عشر حلقات بعنوان «راكان». وتنتظر بحماسة عرض فيلم «ولا غلطة» مع زياد برجي، إخراج سعيد الماروق: «سيشكل نقلة نوعية للسينما اللبنانية». تأجل العرض مرات في الصالات، وتفضل جيسي عبدو انتظار فرج الحال على «حرقه» إن عُرض «أونلاين»: «التفاعل الجماهيري في السينما، لا تضاهيه بهجة». ومن المشاريع أيضاً، مسلسل «هروب» الذي احتفلت «إيغل فيلمز» (جمال سنان) بانتهاء تصويره قبل أيام ويُعرض قريباً عبر «شاهد». تصف الشخصية بالشريرة التي تعترضها علامات استفهام، وتتحمس لانطلاق العرض: «سيكتشف الجمهور وجهاً آخر لي».

ماذا بعد؟ تجيب الممثلة النشيطة: «أحضر لفيلم سعودي – مصري – لبناني، من إخراج وائل إحسان. نوعه لايت كوميدي، رسالته الإنسانية رائعة، ويطرح قضية أكاد أقول إنها لم تُطرح سابقاً. التصوير بغضون أسبوعين أو ثلاثة». والحضور الرمضاني؟ ترد أنه لم يتضح بعد: «الأمور قيد البحث».

تتحدث عن شغف في التمثيل يتعدى اعتبار المهنة واجباً ومصدر رزق. تصبح بعضاً منها، تملؤها وتقيم في داخلها. نسألها عن هاجس البطولة المطلقة وأعداد المَشاهد في المسلسل، هل تؤرقها؟ تحسم: «لا تشكل البطولة المطلقة بالنسبة إلى أي عقدة. أؤدي أدوار البطولة، ولا أنتظر أن يدور المسلسل حولي. في النهاية، اليد الواحدة لا تصفق. لستُ غاوية شهرة. أوافق على دور من لقطتين أو ثلاث في فيلم، إن وجدتُ أنه محوري في السياق. ألحق الأدوار، لا عدد المَشاهد».

بدأت التمثيل الكوميدي في سن السابعة عشرة، ثم انتبهت إلى ضرورة ألا تحصر نفسها بالضحك فقط: «لا أحبذ أن يُقال (هذا ممثل كوميدي وذاك ممثل درامي). الممثل هو الممثل، بصرف النظر عن نوع النص. أردتُ التوسع، فكانت لي محطاتي في الدراما اللبنانية. اليوم، في زمن المنصات، أصبحت لي واجهة على الخليج. الانفتاح يفتح لي الأبواب ويضعني أمام فرص جديدة». مع ذلك، تقيم النفس: «لم أحقق أكثر من ثلاثين في المائة من أحلامي. لا يزال الدرب طويلاً. أصعد السلم درجة درجة لأثبت الخطوة وأترقب الآتي بشوق».

بالعودة إلى الطعنات، لا تخفي أنها تلقتها من مسافات قريبة. تفرق اليوم بين الصداقة والزمالة ورفقة الدرب. تعلمها الحياة التمييز بين ما تظهره الوجوه وما تخفيه النيات، فتسمي النجمة ماغي بو غصن حين تتحدث عن الرفقة الصادقة. وقد تجتمعان لساعات من دون الحديث في المهنة وناسها، لما يربطهما من خبريات شخصية.

تؤمن بأن الله يذلل لها الصعاب: «أستمد قوتي منه. لولاه لكنتُ انهرت». وتؤمن أيضاً بالقضاء والقدر، حتى في أفظع الكوابيس البشرية: الحريق يلتهم الأب العزيز. نتعلم الدروس ممن يتجاوزوننا في الأوجاع، ومع ذلك، نراهم يتماسكون نكاية بقساوة الدنيا. هذه هي جيسي عبدو: «لا يرى الناس كل شيء. يرون مني ما أريد أن أريهم إياه. الدموع لغرفتي، أما السوشيال ميديا فللطاقة الإيجابية والأمل». أهو خداع أم مكابرة؟ تجيب بأنه رسالة في عظمة التجاوز والنهوض: «لِمَ أزيد على المتابعين همومي؟ هل ستنفعهم في شيء؟ أفضل الاحتفاظ بها لنفسي، وإعطاء الآخرين ما يسهل عليهم وعورة الأيام».

تقيم في الإمارات منذ نحو خمس سنوات، مع زيارات شهرية إلى لبنان حيث عائلتها: «حين سُدت الأبواب هنا، غادرت. ليست هجرة، بل ضرورات العمل. أوطاننا ترافقنا في أسفارنا». كانت الرفقة على شكل حنين. اليوم وخزٌ وذنب.

الشرق الأوسط – فاطمة عبد الله

مسؤولية الخبر: إن موقع "سيدر نيوز" غير مسؤول عن هذا الخبر شكلاً او مضموناً، وهو يعبّر فقط عن وجهة نظر مصدره أو كاتبه.

مواضيع تهمك

Comments are closed.