«دفعة بيروت».. عندما يولِّد الضغط فناً

«قيل إن الضغط يولد الانفجار، فما بالنا بالضغوط القهرية التي تفوق قدراتنا على الاستيعاب وينتج تحت وطأتها نتاج فني».

«دفعة بيروت» العمل الاستثنائي في الظرف الاستثنائي فكونه المسلسل الذي استطاع أن يستمر رغم تداعيات التي أحاطته من جائحة كورونا وأدت إلى خروجه من العرض في الموسم الرمضاني لعام 2020، ثم الإصابات المتكررة في صفوف فريق العمل بفيروس كوفيد- 19، وصولا إلى الانفجار الكبير الذي حدث في بيروت.

لكن كل ما سبق لم يكن التحدي الوحيد الذي أحيط به فريق العمل، فهناك العمل بحد ذاته الذي يتناول القالب العام لفكرة طلاب من الخليج يلتحقون بالدراسة في الخارج وهو ما كان طرحه نفس فريق العمل من قبل في مسلسل «دفعة القاهرة» وعرض في الموسم الرمضاني، ومع إعلانهم بتقديم عمل آخر يتناول هذه الحالة لكن في بقعة جغرافية وزمنية أخرى كثرت التوقعات حول احتمالات وقوع العمل في دوائر التكرار لما سبق أن طرحه.

«دفعة بيروت» عرضت 12 حلقة من حلقاته عبر إحدى منصات العرض الإلكترونية مما جعل الزخم الذي كان متوقعا حدوثه له أقل بعض الشيء، فرغم نجومية وشعبية نجومه وطاقم العمل التي لا خلاف عليها إلا أن مكان وتوقيت العرض دائما ما يشكلان عنصرا أساسيا من عناصر قوة العمل ووصوله لأكبر شريحة ممكنة.

وبالدخول في تفاصيل «دفعة بيروت»، تعتبر التجربة الثانية للكاتبة هبة مشاري حمادة في تعاونها مع المخرج البحريني علي العلي بعد تعاونهما الأول في مسلسل «دفعة القاهرة». وبعيدا عن تقاطع شخصياتها أو اقترابها من شخوص سبق أن قدمت أو طرحت في أعمال أخرى حافظت هبة حمادة كعادتها على حياكة تفاصيل شخصياتها وربطها لتتشابك بين القضايا الجدلية والمتعة والفضول للمتلقي، خاصة مع رفع سقف الجرأة عند مستوى الطرح للقضايا وإخراج الفنانين خارج «منطقة الراحة».

طرحت هبة بعض القضايا الإشكالية التي لا يتطرق إليها عادة مثل مناقشة القضايا السياسية بين الأحزاب المختلفة وتأثيرها على الحياة الطلابية، وحتى قصص الحب التي قدمتها اتسمت بالكثير من التعقيدات والتشابكات فغالبا ما تأتي ثلاثية أو حتى رباعية أو ربما مستحيلة وغير ممكنة، فكان هذا المزيج مع تنوع دخلات الحلقات الذي اتسم بالمباشرة من خلال إهداء فريق العمل للحلقة لفئة بعينها محددة وترافق نص الإهداء على الشاشة مع صوت الراوي الذي تناوب على لعبه حتى الآن الأبطال وكاتبة العمل.

أبطال المسلسل لم تظهر أسماؤهم على مقدمة العمل وكأنها إشارة إلى أن المعرف لا يحتاج الى مقدمات الدخول في مهاترات أسبقية الاسم، لكن لو دققنا في بعض تفاصيل هذه الشخصيات التي قدمت تركيبات شكلت صدمة للمشاهدين مثل الشخصية التي قدمتها الفنانة نور الغندور التي ظهرت وهي تتحدث بلهجتها الأم «المصرية» والتي تعتبر المرة الأولى بالنسبة لها، مما أضاف على الشخصية قربا أكثر للمشاهد بعفوية أكثر، أما حمد العماني الذي أبدع في امتلاكه لتفاصيل الشخصية التي يقدمها فقد استطاع الإبقاء عليها في حالة من الاتزان بعيدا عن التشتت مما يؤكد موهبته التي لم يختلف عليها يوما.

كما نجحت الكاتبة والمخرج في إدخال الممثلين غير الخليجيين في تفاصيل المسلسل بصورة منسجمة تتناسب مع طبيعة العمل.

«دفعة بيروت».. مسلسل سيبقى علامة فارقة لما أحيط بظروف تصويره وعرضه الاستثنائية، ويبقى مدى جودة المسلسل من عدمه يحتاج إلى مزيد من الوقت لحين عرضه على القنوات التلفزيونية.

الأنباء – سماح جمال

مسؤولية الخبر: إن موقع "سيدر نيوز" غير مسؤول عن هذا الخبر شكلاً او مضموناً، وهو يعبّر فقط عن وجهة نظر مصدره أو كاتبه.

مواضيع تهمك

Comments are closed.